على بعد ثلاثة كيلومترات من قرية "مياماس"، ومن بين الحجارة البازلتية القاسية التي ناشدت الزمن والتي تنطوي على تاريخ يعود إلى العصر الروماني والبيزنطي، ووسط لفيف من الأشجار الحراجية أطلق عليها أهالي القرية اسم "الحرش"، تبدو شجرة "توت" قدر الباحثون عمرها بألفي عام على الأقل...
عن موقف العلم من عمر شجرة التوت الألفية بين الباحث المهندس "حسين أبو حمزة" من قسم التقانة في الهيئة العامة البحوث العلمية الزراعية لموقع eSwueda قائلاً:
«إن طبيعة قرية "مياماس" البيئية مناسبة لزراعة الأشجار الحراجية وخاصة أشجار السنديان المعمرة ما يجعلها خضراء على مدار العام، واعتماد القرية بشكل رئيسي على الزراعة "العنب والتفاح واللوزيات" التي تحتاج إلى الأمطار ورطوبة عالية تزيد على 700 ساعة سنوياً، إضافة إلى أن الزراعة فيها بعلية ومعدل أمطارها ما بين 450 – 550 ملم، فهي من عداد المناطق الاستقرار الأولى التي لها ميزة خاصة باستثمار الأشجار المثمرة وإنتاجها الوفير، ونتيجة لانخفاض درجات الحرارة الذي بدوره يكسب حجارتها رطوبة عالية ودائمة، وشجرة التوت من الأشجار المعمرة، والتي يمكن أن تستمر في البقاء قرونا عديدة من الزمن إذا
أتيح لها المناخ الملائم لها في البقاء، وقرية "مياماس" من المناخات الهامة لزراعة الأشجار المثمرة والمعمرة، لذلك يمكن علمياً أن تكون شجرة توت بهذا العمر».
حول موقع الشجرة وبعدها عن قرية "مياماس" وتاريخها وطبيعتها، بين الباحث الشاعر "نواف كيوان" قائلاً:
«تتموضع هذه الشجرة في موقع أثري يدعى "دير ماسك" الواقع من الجهة الغربية لقرية "مياماس" والذي يبعد عنها حوالي 3 كم، حيث يروى عن ألسنة أسلافنا الذين افتتحوا القرية في العصر الحديث وسكنوها، بأن عمرها يزيد على ألفي عام، وهذا أكده الباحثون التاريخيون الذين زاروا القرية ورأوا الشجرة وبحثوا عن أصولها التاريخية بطريقة علمية، فهي ذات مقطع عرضي أي عرض جذعها من الأسفل أكثر من واحد متر، وترتفع إلى حوالي خمسة أمتار، ويبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب أكثر من
عشرة أمتار ويُجنى منها حوالي 200 كغ سنوياً من التوت، توزع على الفقراء، هذه الشجرة كالأعجوبة أو الأسطورة نبتت وارتفعت أغصانها من بين الصخور في الموقع الأثري العائد وجوده إلى عدة عصور تاريخية قديمة، ويبدو أنها اكتسبت من موقعها رسوخاً ومقاومة لعوامل الطبيعة والزمن، حتى استمرت شامخة وشاهدة على وجود وتعاقب الحضارات في بلادنا العريقة الجذور والتاريخ البشري».
عن علاقة الشجرة بالحياة الاجتماعية أوضح السيد "نزيه كيوان" من أهالي قرية "مياماس" قائلاً:
«من المعلوم أن قريتنا تتميز بالكرمة والتفاح، لكن المدهش أن تنبت شجرة بين الصخور بجذع يزيد طوله عن خمسة أمتار، لعل هذا التاريخ يحمل عجائب لكن شجرة قريتنا لها معنا قبل التاريخ حكايا، مذ كنا أطفال وأسلافنا الكبار أخبرونا أن أجدادهم وآباءهم تحدثوا عن هذه شجرة، لما تحمل
من سرٍّ وجودي أو رباني حتى عمرت وما زالت تجني ثماراً إلى وقتنا، وهي في منطقة معلومة لدى الأهالي "بدير ماسك"، وهذا دير يدخل في تاريخه عصر البيزنطي، وهذا مثار لجدل البقاء والإصرار على الوجود، من شجرة "التوت" ربما أعطتنا درساً نحو إرادة أكثر».