سورية ستتغير جذريا نحو الافضل اذا اسست لنظام مشاركة عامة فعال واذا وضعت اسس للإدارة الناجحة
عبد الرحمن تيشوري
alrahmanabd@gmail.com
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
في ظل الانحسار الشديد الذي يعم المنطقة العربية وعزوف الانسان في الوطن العربي بشكل عام وفي سورية بشكل خاص عن المشاركة والمساهمة الايجابية في كثير من الاحداث المصيرية التي مرت على الوطن العربي في الوقت نفسه يتعاظم الحديث عن وجود ازمة عميقة للمشاركة في الوطن العربي وسورية يعزى اليها جزء كبير من اسباب هذا الانحسار ولقد جاء هذا المقال على خلفية انتخابات حزبية
ان الحديث عن ازمة المشاركة لايمكن ان يغفل انها جزء من الازمة العامة التي تمر بها سورية والوطن العربي على مختلف الصعد حيث الهيمنة الامريكية شبه المطلقة على مصادر القرار في منطقتنا العربية واذلال اسرائيلي مستمر للعرب دون مقاومة او دفاع عن النفس سوى الممانعة السورية التي يركزون اليوم عليها لانهائها واضعافها اضافة الي كل ذلك يعاني الانسان العربي في حياته اليومية من كبت وقهر وجوع وفقر متصاعدين باستمرار
ان الحديث عن ازمة المشاركة يجب ان يكون من اولى مهمات القوى السياسية على مختلف مشاربها ومنطلقاتها وخاصة ان الدراسات والنقاشات جارية لاصدار قانون احزاب جديد عصري ينظم الحياة السياسية في سورية على خلفية فرار المؤتمر القطري العاشر للحزب واستكمالا لمشروع التحديث والتطوير الذي اشاعه الرئيس الشاب الدكتور بشار الاسد في ثنايا خطاب القسم عندما وصل الي السلطة عام 2000
هناك حالة سلبية شديدة وانصراف واضح عن القضايا العامة لان هناك استغراق كبير في ملاحقة قضايا لقمة العيش ومشاكل الحياة اليومية بالاضافة الي حالات عدم الثقة وكل ذلك كرس الاحباط عند الناس البعثيين وغير البعثيين الامر الذي ادى الي تفشي اساليب وممارسات لا ديموقراطية مثل التعصب والارهاب الفكري وعدم تحمل وقبول الراي الاخر والاستعلاء وفرض الذات داخل معظم الحركات السياسية العربية بما فيها الحركات المعارضة والتي تدعي انها ساعية للتغيير هذه الامور مجتمعة ساهمت في خلق حالة عجز شامل في كل المنطقة العربية وفي سورية ولكن بشكل اقل الا مر الذي يدفع للبحث في هذه المسالة لمعا لجة حالة عدم المشاركة الايجابية باتجاه تفعيل وتحريض الناس على العمل والمشاركة وتجاوز الحالة السلبية التي لا تخدم البلد ونحن بحاجة الي جهود جميع ابناء البلد من تطويره وتحديثه لان التطوير والتغيير والتحديث عملية مجتمعية
• مفهوم المشاركة :
ان المشاركة تعني مشاركة اعداد كبيرة من الافراد في الحياة العامة اما المشاركة السياسية تعني مشاركة اعداد كبيرة في الحياة السياسية والحزبية ومن وجهة نظري ان المشاركة السياسية تعني قدرة المواطنين على التعبير اولا والتاثير العلني الحر ثانيا في اتخاذ القرارات وصنع السياسات العامة وادارة الشؤون العامة واختيار القادة السياسيين سواء مباشرة او عن طريق اختيار ممثلين يقومون بذلك نيابة عن الشعب والمشاركة هي نشاط المواطنين الفردي والجماعي المنظم او العفوي المتواصل او المتقطع السلمي الشرعي والفعال وغير الفعال
• اهداف المشاركة ودلالاتها:
المشاركة هي مؤشر تفاعلي على صحة العلاقة بين المجتمع والدولة وخاصة المشاركة السياسية ومن وجهة نظري لا مواطنة سياسية بغير المواطنة الاقتصادية وبقدر ما تكون الدولة او السلطة تعبيرا امينا عن المجتمع بقدر ما تزداد وتتطور المشاركة السليمة المنظمة لافراد المجتمع في الشؤون العامة سواء بصفتهم الفردية او الجماعية من خلال منظماتهم واحزابهم وجمعياتهم الطوعية الاهلية بقدر ما تزداد مساهمة الناس في بناء المجتمع والارتقاء المستمر للسلم الحضاري المجتمعي
كما ان المشاركةهي دليل عملي واساسي على ان النظام يمتلك القدرة على تحقيق التنمية السياسية وفي حال انعدامها هي مؤشر ودليل على تخلف النظام السياسي وعدم قدرته على تحقيق اهداف التنمية السياسية وتنفيذ برامجها وسياساتها ونقلها من مستوى الاطروحات النظرية الي مستوى الانجازات والسياسات التنموية التطبيقية الحقيقية
والمشاركة السياسية ايضا هي مؤشر على ديموقراطية النظام السياسي وهي المظهر الرئيسي للديموقراطية وتتجلى في تعزيز دور المواطن في اطار النظام السياسي وضمان مشاركة او مساهمة جميع المواطنين في عملية وضع السياسة العامة واختيار القادة السياسيين بشكل حر ويمكن تحديد اربع صفات للمشاركةهي:
- المشاركة تعني مساهمة الشعب في رسم السياسات العامة
- المشاركة تعني اعادة هيكلة وتنظيم بنية النظام السياسي من خلا ل تجديد القيادات
- المشاركة ونسبتها هي احد معايير ومشروعية السلطة السياسية في اي مجتمع
- المشاركة الواسعة توفر للسلطة امكانية التعرف بشكل حقيقي وليس وهميا على راي الشعب ورغباته واتجاهاته
ابعاد ازمة المشاركة في سورية والوطن العربي
• الاختلال في شرائح المجتمع السياسي حيث يوجد تقلص واضح في شرائح المشاركين والمهتمين وتضخم ملحوظ في شرائح غير المهتمين
• مشاركة موسمية شكلية غير فعالة مثل ظاهرة المرشح الواحد او التزكية او نفس المرشح ونفس الوجوه و الانتخابات غير النظيفة و اختفاء المعارضة الحقيقية
• مشاركة اجبارية متحكم فيها تاخذ شكل التعبئة بفرض خلق المساندة الشكلية للاحزاب والنظم الحاكمة دون ان تعبر عن مشاركة حقيقية نابعة من اهتمام المواطن بما يجري حوله في المجتمع السياسي وفي الحياة العامة
• تقسم الشرائح من حيث المشاركة الي اربع :
- شريحة المشاركين الذين يمارسون حقوقهم ويتصفون بالاهتمام بما يجري حولهم من احداث ووقائع ولديهم الشعور بالثقة بالذات والقدرة على التاثير في العملية السياسية والانتخابية ويتسمون بالتفاعل والتجاوب وهم اعضاء نشيطون في التنظيمات السياسية الوسيطة من احزاب وجماعات ونقابات وجماعات مصالح وجماعات ضاغطة
- شريحة المهتمين ويمكن وصفهم بالمتابعين وهم مشاركون بالمعنى الضيق كالتصويت في العملية الانتخابية – مناقشة الاحداث العامة – الاهتمام بالتطورات السياسية
- شريحة السلبيين وغير المهتمين وهم من لاوعي لهم ولا اهتمام لديهم بما يجري حولهم من وقائع سياسية فتعتصرهم مشكلات الحياة اليومية وتتركز حياتهم حول الوقائع والاحداث غير السياسية وعادة ما توصف هذه الشريحة من الافراد باللا سياسيين
- شريحة اخيرة هي شريحة المتطرفين او ما يعبر عنهم احيانا بالحركيين او النشطيين وهذه الشريحة عادة يقومون بالاضطرابات والمظاهرات ويقومون باعمال شغب وتخريب وما شابه ذلك وقد يتعاونون مع جهات خارجية وهم يشكلون المعارضة للنظام او للحزب الحاكم او الحزب القائد الذي بيده مقاليد الامور
بشكل عام تكثر الشريحة الثالثة والرابعة في الوطن العربي وتتقلص شريحتي المهتمين والمشاركين بسبب غياب المستلزمات المادية للمشاركة وبسبب عدم توفر حرية الراي والتعبير وحق تشكيل التنظيمات السياسية وحرية الانتساب اليها وعدم ضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات من مختلف مصادرها والدراسات جارية في سورية من اجل وضع قانون احزاب عصري ينظم الحياة السياسية ونامل ان يعالج مسالة المشاركة بشكل شامل ويحفز على تاسيس لمشاركة فعالة في الحياة السياسية والحياة العامة
وعموما يجب ان ننتهي من المشاركات الموسمية وان تكون المشاركة فعالة وسليمة وصحيحة ويجب فسح المجال امام الناس والناخبين مناقشة ومساءلة الحكومة والادارة والرقابة على انفاق المال العام وعلى كل سياسات الحكومة في جميع المجالات لان المشاركة الفعالة تفترض قدر معقول من المعلومات يتاح بسهولة ويسر للافراد والجماعات والكف عن الرقابة الاعلامية الصارمة وعدم احتكار الحكومة لوسائل الاعلام ويمكن اجمال عوامل ازمة المشاركة في الوطن العربي وسورية بما يلي :
عوامل ازمة المشاركة في الوطن العربي
• التفاوت الاجتماعي الاقتصادي وعدم ضمان الحد الادنى للكفاف الاقتصادي
• انخفاض درجة الوعي السياسي نتيجة لانتشار الامية ونقص الخبرة وغياب الحرية الاعلامية
• ضعف المشاركة السياسية اكثر من المجالات الاخرى
• غياب القوى الاجتماعية الاوسطى حاملة التغيير وحاملة التنمية وصانعة المشاركة
• طغيان العنصر الشخصي على العملية السياسية
• ضعف التنظيمات السياسية الوسيطة كالاحزاب والنقابات والجمعيات وجماعات الضغط
• اقامة خلايا وتنظيمات ذات انشطة سرية نتيجة عدم الاعتراف بالمعارضة وقبول النقد والراي الاخر
اثار ازمة المشاركة على مستقبل التطور العربي
• لا يمكن للنظم التي لا تعرف سوى المشاركة الشكلية الغير فعالة ان تحقق التماسك وان تحقق التنمية الاقتصادية لان غياب المشاركة يمنع استغلال الطاقات والقدرات وبالتالي تصبح التنمية عرجاء بدون مشاركة جماهيرية حقيقية واسعة
• لا يمكن للنظم التي لاتعرف المشاركة ان تتطور وتنمو سياسيا وتبقى الديموقراطية فيها لافتة استعراضية لاغير
• تبقى النظم البرلمانية في المجتمعات التي لاتعرف المشاركة الفعالة عاجزة عن الوفاء بمطالب الجماهير حيث تكون هذه المؤسسات واجهات فقط
• ان الدول التي لاتعرف المشاركة الكبيرة والفعالة تكثر فيها الولاءات الشخصانية والاسرية والعشائرية والقبلية وتكون مؤسساتها واحزابها هياكل كرتونية عاجزة عن القيام بدور حقيقي مؤثر في العملية السياسية
• ان عدم المشاركة الفعالة حول الامة العربية الي امة غير محاربة انهزمت امام الوجود الاسرائيلي على الرغم من من القرات الكبيرة للعرب التي لم يتم تفعيلها حتى الان لذا لا تزال الجماهير والانظمة العربية غير واعية بحقيقة مخاطر الوجود الاسرائيلي على المستقبل العربي هناك عمليات ابادة من قبل امريكا للشعب العراقي ولم يفعل العرب شيء علما ان عواصم عربية كثيرة شهدت مظاهرات ضد هذه البادة لم تشهد مثلها اي عاصمة عربية
اهمية المشاركة ودورها العام
حصلت بعض التغييرات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والادارية لكن الوطن العربي بحاجة الي ثورة سياسية تغير العلاقة بين الحكام والمحكومين لارساء مبدا جديد للسلطة واقامة مؤسسات ذات فاعلية ونمط جديد يقوم على المشاركة وهذه المشاركة من وجهة نظري تبدا من توفير حرية الراي والتعبير ووجود الراي والراي الاخر والراي المعارض والراي المجادل وتامين العدل الاجتماعي والطمانينةالافراد وضمان حقوقهم الاساسية واطلاق الحرية والديموقراطية لانه في ظلها وفي مؤسساتها تنمو مواهب الانسان ويستطيع ان يقدم لامته كل ما يستطيع من فكر وابداع وعمل
المشاركة هي خير للجميع لكل ابناء هذا الوطن على اختلاف طبقاتهم واحزابهم وارائهم حاكمين ومحكومين فالمعركة من اجل المشاركة تتطلب كل جهد وتستحق كل بذل
ولن اقول لنبدا لان الرواد الاوائل رواد عصر النهضة امثال الكواكبي والطهطاوي والافغاني ومحمد عبدو ورشيد رضا والتونسي وغيرهم اكدوا وكتبوا وقالوا كثيراا بالمشاركة ونقلوا كل تراث اوربة وفرنسا في هذا الامر اذا لنقل لنواصل السير ونعيد وصل ما انقطع مع الرواد ولنسرع الخطى ولنستهن بكل ما يواجهنا من صعاب فكل صعب يهون من اجل هذه الغاية النبيلة لخير امتنا وشعبنا
هناك دول عربية حققت نتائج طيبة وهناك دول لا زالت تتأرجح
وها نحن اليوم في سورية امامنا مشروع تطويري وتغييري وتحديثي لكل مفاصل الدولة فعلينا جميعا المشاركة والعمل والانخراط في هذا المشروع الذي اطلقه رئيسنا الشاب الدكتور بشار الاسد في ثنايا خطاب القسم من عام2000 واكد عليه عام 2007
عبد الرحمن تيشوري
________________________________________