1
عذبة أنت كالطفولة كالأحـ * لام كالحن كالصباح الجديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ * كالوردِ كابتسامِ الوليدِ
يا لها مِنْ وَداعةٍ وجمالٍ * وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلُودِ
يا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقديـ * سَ في مهجَةِ الشَّقيِّ العنيدِ
يا لها رقَّةً تَكادُ يَرفُّ الوَرْ * دُ منها في الصَّخْرَةِ الجُلْمودِ
أَيُّ شيءٍ تُراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ * تَهادتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جديدِ
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسـ * ولَ للعالمِ التَّعيسِ العميدِ
أَم ملاكُ الفردوس جاءَ إلى الأَر * ضِ ليُحيي روحَ السَّلامِ العهيدِ
أَنتِ مَا أَنتِ أَنْتِ رسمٌ جميلٌ * عبقريٌّ من فنِّ هذا الوُجُودِ
فيكِ مَا فيهِ من غموضٍ وعُمْقٍ * وجَمَالٍ مقَدَّسٍ معبودِ
أنتِ مَا أنتِ أَنتِ فجرٌ من السّحرِ * تجلَّى لقلبيَ المعمودِ
فأراه الحَيَاةَ في مُونِقِ الحُسْنِ * وجلّى له خفايا الخلودِ
أَنتِ روحُ الرَّبيعِ تختالُ فـ * ي الدُّنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهبُّ الحَيَاة سَكرى من العِط * رِ ويدْوي الوُجُودُ بالتَّغريدِ
كلَّما أَبْصَرَتْكِ عينايَ تمشينَ * بخطوٍ موقَّعٍ كالنَّشيدِ
خَفَقَ القلبَ للحياة ورفَّ الزَّهـ * رُ في حقلِ عمريَ المجرودِ
وانتشتْ روحيَ الكئيبَةُ بالحبِّ * وغنَّتْ كالبلبلِ الغِرِّيدِ
أَنتِ تُحيينَ في فؤاديَ مَا قدْ * ماتَ في أَمسيَ السَّعيدِ الفقيدِ
وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي * مَا تلاشَى في عهديَ المجدودِ
مِنْ طموحٍ إلى الجمالِ إلى الفنِّ * إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ
وتَبُثِّينَ رقَّةَ الشوقِ والأَحلامِ * والشَّدوِ والهوى في نشيدي
بعد أنْ عانقتْ كآبَةُ أَيَّامي * فؤادي وأَلجمتْ تغريدي
أَنتِ أُنشودَةُ الأَناشيدِ غنَّاكِ * إِلهُ الغناءِ ربُّ القصيدِ
فيكِ شبَّ الشَّبابُ وشَّحهُ السّحْرُ * وشدوُ الهَوَى وعِطْرُ الورودِ
وتراءى الجمالُ يَرْقُصَ رقصاً * قُدُسيًّا على أَغاني الوُجُودِ
وتهادتْ في أُفْق روحِكِ أَوْزانُ * الأَغاني ورِقَّةُ التَّغريدِ
فتَمَايلتِ في الوُجُودِ كلحنٍ * عبقريِّ الخيالِ حلوِ النَّشيدِ
خطواتٌ سكرانةٌ بالأَناشيد * وصوتٌ كَرَجْعِ نايٍ بعيدِ
وقَوامٌ يَكادُ يَنْطُقُ بالأَلحانِ * في كلِّ وقفةٍ وقعودِ
كلُّ شيءٍ موقَّعٌ فيكِ حتَّى * لَفْحَةُ الجيدِ واهتزازُ النّهودِ
أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ في قدْسها السَّا * مي وفي سِحْرها الشَّجيِّ الفريدِ
أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ في رِقَّةِ الـ * فجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ
أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ كلَّ أَوانٍ * في رُواءٍ من الشَّبابِ جديدِ
أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ فيكِ وفي * عَيْنَيْكِ آياتُ سحرها الممدودِ
أَنتِ دنيا من الأَناشيدِ والأَحلامِ * والسِّحْرِ والخيال المديدِ
أَنتِ فوقَ الخيالِ والشِّعرِ والفنِّ * وفوقَ النُّهى وفوقَ الحُدودِ
أَنتِ قُدْسي ومعبدي وصباحي * وربيعي ونَشْوتي وخُلودي
يا ابنةَ النُّورِ إنَّني أنا وحدي * من رأى فيكِ رَوْعَةَ المَعْبودِ
فدعيني أَعيشُ في ظِلِّكِ العذْبِ * وفي قُرْبِ حُسنكِ المَشْهودِ
عيشةً للجمالِ والفنِّ والإِلهامِ * والطُّهْرِ والسَّنى والسُّجودِ
عيشَةَ النَّاسكِ البتُولِ يُناجي الرَّ * بَّ في نشوَةِ الذُّهول الشَّدِيدِ
وامنحيني السَّلامَ والفرحَ الرُّو * حيَّ يا ضوءَ فجريَ المنشودِ
وارحميني فقد تهدَّمتُ في كو * نٍ من اليأْسِ والظَّلامِ مَشيدِ
أنقذيني من الأَسى فلقدْ أَمْسَـ * يْتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي
في شِعَابِ الزَّمان والموت أَمشي * تحتَ عبءِ الحَيَاة جَمَّ القيودِ
وأُماشي الوَرَى ونفسيَ كالقبـ * رِ وقلبي كالعالم المهدُودِ
ظُلْمَةٌ مَا لها ختامٌ وهولٌ * شائعٌ في سكونها الممدودِ
وإذا مَا استخفَّني عَبَثُ النَّاسِ * تبسَّمتُ في أَسًى وجُمُودِ
بَسْمَةٌ مرَّةٌ كأنَّني أَستلُّ * من الشَّوكِ ذابلاتِ الورودِ
وانْفخي في مَشاعِري مَرَحَ الدُّنيا * وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ
وابعثي في دمي الحَرارَةَ عَلِّي * أَتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ
وأَبثُّ الوُجُودَ أَنغامَ قلبٍ * بُلْبُليٍّ مُكَبَّلٍ بالحديدِ
فالصَّباحُ الجميلُ يُنْعِشُ بالدِّفءِ * حياةَ المُحَطَّمِ المكدودِ
أنْقذيني فقد سئمتُ ظلامي * أنقذيني فقدْ مَلِلْتُ ركودي
آه يا زهرتي الجميلةَ لو تدرينَ * مَا جدَّ في فؤادي الوحيدِ
في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أَكوانٌ * من السّحرِ ذاتُ حُسْنٍ فريدِ
وشموسٌ وضَّاءةٌ ونُجومٌ * تَنْثُرُ النُّورَ في فَضاءٍ مديدِ
وربيعٌ كأنَّهُ حُلُمُ الشَّاعرِ * في سَكرة الشَّباب السَّعيدِ
ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي * ولا ثورَةَ الخريفِ العتيدِ
وطيورٌ سِحْرِيَّةٌ تتناغَى * بأَناشيدَ حلوةِ التَّغريدِ
وقصورٌ كأنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ * أَو طلعَةُ الصَّباحِ الوليدِ
وغيومٌ رقيقةٌ تتهادَى * كأَباديدَ من نُثارِ الورودِ
وحياةٌ شِعْرِيَّةٌ هي عندي * صُورةٌ من حَياةِ أَهْل الخلودِ
كلُّ هذا يَشيدُهُ سِحْرُ عينيكِ * وإِلهامُ حُسْنِكِ المعبودِ
وحرامٌ عليكِ أَنْ تهدمي مَا * شادهُ الحُسْنُ في الفؤادِ العميدِ
وحرامٌ عليكِ أَنْ تسْحَقي آمـ * الَ نفسٍ تصبو لعيشٍ رغيدِ
منكِ ترجو سَعادَةً لم تجدْهَا * في حياةِ الوَرَى وسِحْرِ الوُجُودِ
فالإِلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ * إِذا كانَ في جَلالِ السُّجودِ