اتفق أعضاء اللجنة الوطنية لإعداد الدستور الجديد في سوريا على إلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري، ما يعني بالتالي إلغاء احتكار حزب البعث العربي الاشتراكي للحياة السياسية في البلاد.
وتنص المادة 8 على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية.
وتعتبر هذه المادة من أبرز مواد الدستور التي تطالب المعارضة السورية بإلغائها، كي تنهي سيطرة حزب البعث على مفاصل السلطة في سوريا.
وأكد المحامي الدكتور محمد خير العكّام عضو لجنة إعداد الدستور أن أعضاء اللجنة المصغرة لإعداد مشروع الدستور قد حسموا مسألة الحزب القائد في آخر جلسة عقدوها الخميس الماضي.
وقال العكّام في حديث لـ "أنباء موسكو": "توصلنا إلى اتفاق على إلغاء المادة الثامنة كليا، وإيجاد صيغة جديدة، لاعلاقة لها بصيغة المادة الثامنة كليا، تلغي الدور الاحتكاري لحزب البعث العربي الاشتراكي في قيادة العمل السياسي في سوريا، بمعنى أنه سيصبح حزبا شأنه شأن بقية الأحزاب الأخرى الموجودة حاليا، والتي ستظهر مستقبلا بموجب قانون الأحزاب"، مشيرا إلى أن منصب رئيس الحكومة السورية لن يبقى محصورا بحزب "البعث"، بل سينتقل إلى الحزب الفائز بنتيجة الانتخابات العامة.
وإذ لفت العكام إلى أن اللجنة الدستورية لم تناقش بعد موضوع الولاية الدستورية لرئيس الجمهورية أكد أن اختيار رئيس الجمهورية سيتم عبر الانتخاب لا الاستفتاء، كما هو حاصل الآن. وقال: "طالما ستظهر في البلاد حياة حزبية متنوعة، فلا بد للأحزاب الأخرى أن تطرح مرشحيها للرئاسة ولا بد أن تكون هناك شروط للترشيح، ما يعني أن تنافسا سيظهر على منصب رئيس الجمهورية أي سنتحول بالتأكيد من نظام الاستفتاء إلى نظام الانتخاب وهذا الأمر محسوم".
أما بالنسبة لدين رئيس الدولة فهناك توجهان في اللجنة حسب العكّام "الأول يقضي بمنع حصر دين رئيس الجهورية العربية السورية بالإسلام، والثاني مع أن يبقى دينه هو دين الإسلام".
وأشار العكّام إلى أنه يؤيد التوجه الثاني:" احتراما للديمقراطية والأكثرية، نظرا لأن 80 بالمائة من السوريين مسلمون، وبالتالي من الضروري بالمفهوم الديمقراطي أن نحترم هذه الأكثرية، لكن لا ضير أن يكون مسيحي رئيسا للجمهورية، لأن أي مسيحي في سوريا ليس أقل وطنية من أية مسلم فيها"، حسب تعبيره.
وأكد العكّام أيضا أن الدستور الجديد سينص على أن "سوريا دولة مدنية ديمقراطية" رافضا نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب الكبرى في سورية، وقال" هذا يعني أننا أصبحنا دولة مبنية على أساس طائفي وهذا أمر لا نقبل به".
وفيما يتعلق بإمكانية تحويل مجلس الشعب في سوريا إلى برلمان أو مجلس نواب أكد العكّام أن" هناك فكرة جدية للتحول من نظام المجلس الواحد إلى مجلسين، وهي قيد الدرس".
كذلك ناقش أعضاء اللجنة الدستورية مسألة التنوع الثقافي للمجتمع السوري وضرورة تضمين الدستور الجديد مواد تشير إلى وجوب احترام التنوع الثقافي لمكونات وأطياف المجتمع السوري، وأوضح العكّام أن اللجنة "ستضع نصا عاما يقضي بضرورة احترام جميع الثقافات في سوريا بلا تمييز بين ثقافة وأخرى، بمعنى أنه سيصبح للقوميات الأخرى الحق في ممارسة تفاصيل حياتها الثقافية والاجتماعية، من تعليم اللغة والحفاظ على التراث الثقافي كقومية وممارسة هذه الحياة بالطريقة التي لا تتنافى مع المواطنة السورية".
وردا على سؤال فيما إذا كان سيُسمح لهذه القوميات وفقا لأحكام الدستور الجديد بفتح مدارس رسمية لتدريس لغاتهم قال العكّام:" اللغة الرسمية في سوريا وفقا للدستور السوري السابق واللاحق هي العربية، ويحق للقوميات ضمن جمعياتهم المحافظة على لغاتهم لكن هذه المسألة لن تصبح بقوة القانون، بمعنى أنه لن نمنعهم من تعليم لغاتهم ولكن لا يمكن أن نفرض هذه المسألة بقانون"، حسب تعبيره