أنّ الضّعيف مُولَعٌ دائما بالقويّ، والقويّ دائما يسعى إلى استتباع الضعيفِ له، ليحافظ على قوّته وكينونته وسيطرته، ومن ثَمَّ نشأ في العالم العديد من الصيحات الدَّاعية إلى الوحدة العالمية في شتّى المجالات، ومن هذه الصيحات ما جاء تحت إطار منظّمة اليونسكو وبرامجها مثلا: حوار الحضارات، التراث الثقافي للإنسانية، النظام الإعلامي العالمي الجديد، ومن الناحية الدينية الإبراهيمية (ويعنون بها توحيد الأديان الثلاثة: اليهودية والنصرانية والإسلام)، ومن هذه المنظمات التّي أنشئت لنفس الغرض الماسونية، الماركسية، عُصْبة الأمم المتّحدة، وبعدها هيئة الأمم المتّحدة.
معنى العولمة:
تعني العولمة: المجتمع الإنساني الواحد، وصيرورة العالم واحدا.
وبعضهم يسميها النّظام العالمي الجديد، كما أنّ البعض يسميها الأمْرَكَة.
وغاية ما يمكن قوله هو: أنّ العولمة هي تَوَجُّهٌ ودعوةٌ تَهْدِفُ إلى صياغة حياة النّاس لدى جميع الأمم ومختلف الدول وفق أساليب ومناهج موحّدة بين البشر، وإضعاف الأساليب والمناهج الخاصة، وبالذات ما يخالف جميع البشر، وتشمل النّظم المتعلّقة بحقوق الإنسان والاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والدّين والإعلام والاتصال وجميع نواحي الحياة، كلّ ذلك تحت إطار الشرعية الدولية بحماية هيئة الأمم المتحدة، ومصدر هذا التوجّه هو أوروبا، ومركز انطلاقه أمريكا، ومورده سائر دول العالم وقاراته.
أهداف العولمة:
للعولمة هدف ظاهر وهدف خفيّ:
أمّا هدفها الظاهر وهو الهدف المعلن عنه فهو: خدمة البشرية، وتوحيد مصيرها بإزالة الحواجز بينها، وإشاعة القيم الإنسانية في عالمها، وحماية هذه القيم ومقاومة الرقابة الّتي تحدّ من حريّة الإنسان وحركته الاقتصادية أو تلغي معلوماته.
وأمّا الهدف الصحيح وهو الهدف الخفيّ فهو: العمل على صبغ العالم الضعيف بثقافة الدول الغربية المهَيْمِنة، وعلى رأسها أمريكا، ونشر ثقافتها في العالم، وسيطرتها عليه في جميع مجالات الحياة، ومعاقبة كلّ من يخالف أمريكا وهذا هو واقع العولمة.
مراحل نشأة العولمة:
يذكر بعضُ الكتّابِ المعاصرين أنّ العولمة مرّت بعِدّة مراحل، وبما أنّ مصدرها أمريكا فيمكن حصرها في المراحل التاليّة:
1- مرحلةُ تصفيةِ الهنود الحُمْر.
2- مرحلةُ استيرادِ الزّنوج.
3- مرحلةُ بدءِ التوسُّع الأمريكي في العالم.
4- مرحلةُ اقتسامِ العالم إلى مناطق نفوذ ثقافي.
5- مرحلةُ ذَوَبَانِ الشعوبِ في وفائِهم لسيّدهم الجديد.
وقد دُعي إلى هذا الأمر بعد الحرب العالمية الأولى وذلك تحت إشراف: " عصبة الأمم المتّحدة "، ثمّ بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك تحت إشراف " هيئة الأمم المتّحدة "، وهنا ظهر ما يسمّى بـ " النّظام الدَّوْلي الجديد "، حيث أدركت الدول المُهيمنة أنّ القوّة لا تنفع في تغيير المجتمع الإنساني، وأنّ الوسيلة المُثلى هي تكنولوجيا الاتّصال، إذ هي كفيلة بالتواصل وتوحيد السّلوكات.
وفي مطلع التسعينات وأثناء حرب الخليج الثانية، بعد تدهور الاتّحاد السوفياتي، أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب عن إقامة " نظام عالمي جديد " يحفظ السّلام ويحقّق الأمن والعدل تحت ظلّ " الديمقراطيّة " و " الشرعية الدَّوْلية "، وبعدها بسنوات ظهر مصطلح " العولمة "، وبالذّات في عام 1995 م، بعد إنشاء " منظّمة التّجارة العالمية ".
والذي ساعد على نشرها بين الشعوب " الإنترنت " و " القنوات الفضائية " التي جعلت الكتّاب يشبّهون العالم بـ " القرية الكونية الصغيرة ".
السّمة العامّة للعولمة:
بما أنّ الحضارة الغربية حضارة ماديّة جسديّة فإنّ العولمة مصطبغة بهذه الصبغة، فالجانب الأبرز فيها إذاً هو الجانب الاقتصادي، وهذا لا يمنع أن يكون الهدف الأسمى هو " العلمانية " التّي تُرَوِّجُ إلى الابتعاد عن الجانب الرّوحيّ، ومن الوسائل المستخدمة لتمرير هذه الأفكار: " التنصير " الّذي يجعل المسلم يتقبّل هذه الأفكار بعد انسلاخه عن دينه.
عناصر العولمة:
أ- العولمة الاقتصادية:
وأهمّ مظاهرها تحرير الأسواق (خوصصة المؤسسات) ، وانسحاب الدولة من مشاركتها الاقتصادية بالدّرجة الأولى ، وعليه فإنّ التنافس التّجاري يؤدّي إلى سيادة الأقوى واندحار الضّعيف ، وهذا ما أدّى إلى حلّ المؤسسات العموميّة وتسريح العديد من العمّال في كثير من بلدان العالم الثالث ، وأهمّ وسيلة يُضَيَّقُ بها الخناق على هذه الدّول ما يسمّى بـ " صندوق النقد الدَّوْلي " فهو مشنقة تُعْدَمُ فيها هذه الدّول بعد إثقال كواهلها بأغلال الدّيون.
ب- العولمة الثقافية:
وهذه هي أخطر المجالات حيث تهدف إلى ذهاب الدّين ، وفساد الأخلاق ، وذوبان الهويّة ، ومن ثَمَّ الفناء الحضاري للدّول.
ومن وسائلها الدّعوة إلى حريّة المرأة ومساواتها بالرّجُل ، وتفكيك الأسرة باسم الحريّات الشخصية ، والدعوة إلى هيمنة اللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية على اللّغات المحليّة كالعربية ، وفرض النّمط الأوروبّي في اللّباس والأكل ممّا يؤدي إلى ترك العادات والتّقاليد ، وبالتالي يؤدي إلى الانحلال الخُلُقي المتمثّل في الشذوذ الجنسي والمخدّرات ونحوهما.
ج- حقوق الإنسان:
لا شكّ هنا أنّ من الحقوق المطالَب بها عالميا ما هو محمود ، لكن دائما نجد ما يخالف العادات والتقاليد العربية والإسلامية ، وفي هذه الأيّام أهمّ ما تدعو إليه هذه المنظّمات " الديمقراطية " و " محاربة الإرهاب " ، فهُما ذريعتان وحُجَّتَانِ كافيتان لاحتلال الدّول الإسلامية تحت إطار الشرعية الدَّوْلية ، وبإشراف " مجلس الأمْن الدَّوْلي " كما حَدَثَ في أفغانستان والعراق وغيرهما.
د- العولمة الدينية:
والقصد هنا إبعاد المسلمين عن دينهم ، إذ يعتبر الإسلام عندهم أكبرَ حاجز لاختراق الدُّول الإسلامية والعربية ، ولذا اخترعوا ما يسمّى بـ " حوار الحضارات والأديان وتعايشها " ، وذلك من أجل احتواء الاختلافات الموجودة بين الإسلام والثقافة الغربية ، وذلك بإنشاء المعاهد والمراكز والقيام باللّقاءات الفكريّة حول هذه المواضيع.
الخاتمة:
الموقف من العولمة:
بعد هذا الذي ذكرناه ، وبالنّظر في الكتابات حول العولمة نجد أنّ المثقّفين من العرب والمسلمين وغيرهم على ثلاثة مواقف تجاه هذه العولمة:
أ- العمل بالعولمة في كلّ ما جاءت به والاندراج فيها.
ب- الرّفض التّام للعولمة لأنّها تخالف العادات والتقاليد وتحاول طمسها.
ج- العولمة مُوضة عصرية زائلة كغيرها من الموضات ، لذا يمكننا أن نأخذ منها ما ينفعنا ونذر منها ما يضرّنا مع التمسّك بعاداتنا وتقاليدنا وديننا ، ويبقى دائما في أذهاننا أنّ العولمة هي: " التغريب " و " الحداثة " و " الغزو الفكري والثقافي " بتسمية جديدة وأسلوب حديث.
/////قلم: أبي أيّوب زهير ساجي
معنى العولمة:
تعني العولمة: المجتمع الإنساني الواحد، وصيرورة العالم واحدا.
وبعضهم يسميها النّظام العالمي الجديد، كما أنّ البعض يسميها الأمْرَكَة.
وغاية ما يمكن قوله هو: أنّ العولمة هي تَوَجُّهٌ ودعوةٌ تَهْدِفُ إلى صياغة حياة النّاس لدى جميع الأمم ومختلف الدول وفق أساليب ومناهج موحّدة بين البشر، وإضعاف الأساليب والمناهج الخاصة، وبالذات ما يخالف جميع البشر، وتشمل النّظم المتعلّقة بحقوق الإنسان والاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والدّين والإعلام والاتصال وجميع نواحي الحياة، كلّ ذلك تحت إطار الشرعية الدولية بحماية هيئة الأمم المتحدة، ومصدر هذا التوجّه هو أوروبا، ومركز انطلاقه أمريكا، ومورده سائر دول العالم وقاراته.
أهداف العولمة:
للعولمة هدف ظاهر وهدف خفيّ:
أمّا هدفها الظاهر وهو الهدف المعلن عنه فهو: خدمة البشرية، وتوحيد مصيرها بإزالة الحواجز بينها، وإشاعة القيم الإنسانية في عالمها، وحماية هذه القيم ومقاومة الرقابة الّتي تحدّ من حريّة الإنسان وحركته الاقتصادية أو تلغي معلوماته.
وأمّا الهدف الصحيح وهو الهدف الخفيّ فهو: العمل على صبغ العالم الضعيف بثقافة الدول الغربية المهَيْمِنة، وعلى رأسها أمريكا، ونشر ثقافتها في العالم، وسيطرتها عليه في جميع مجالات الحياة، ومعاقبة كلّ من يخالف أمريكا وهذا هو واقع العولمة.
مراحل نشأة العولمة:
يذكر بعضُ الكتّابِ المعاصرين أنّ العولمة مرّت بعِدّة مراحل، وبما أنّ مصدرها أمريكا فيمكن حصرها في المراحل التاليّة:
1- مرحلةُ تصفيةِ الهنود الحُمْر.
2- مرحلةُ استيرادِ الزّنوج.
3- مرحلةُ بدءِ التوسُّع الأمريكي في العالم.
4- مرحلةُ اقتسامِ العالم إلى مناطق نفوذ ثقافي.
5- مرحلةُ ذَوَبَانِ الشعوبِ في وفائِهم لسيّدهم الجديد.
وقد دُعي إلى هذا الأمر بعد الحرب العالمية الأولى وذلك تحت إشراف: " عصبة الأمم المتّحدة "، ثمّ بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك تحت إشراف " هيئة الأمم المتّحدة "، وهنا ظهر ما يسمّى بـ " النّظام الدَّوْلي الجديد "، حيث أدركت الدول المُهيمنة أنّ القوّة لا تنفع في تغيير المجتمع الإنساني، وأنّ الوسيلة المُثلى هي تكنولوجيا الاتّصال، إذ هي كفيلة بالتواصل وتوحيد السّلوكات.
وفي مطلع التسعينات وأثناء حرب الخليج الثانية، بعد تدهور الاتّحاد السوفياتي، أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب عن إقامة " نظام عالمي جديد " يحفظ السّلام ويحقّق الأمن والعدل تحت ظلّ " الديمقراطيّة " و " الشرعية الدَّوْلية "، وبعدها بسنوات ظهر مصطلح " العولمة "، وبالذّات في عام 1995 م، بعد إنشاء " منظّمة التّجارة العالمية ".
والذي ساعد على نشرها بين الشعوب " الإنترنت " و " القنوات الفضائية " التي جعلت الكتّاب يشبّهون العالم بـ " القرية الكونية الصغيرة ".
السّمة العامّة للعولمة:
بما أنّ الحضارة الغربية حضارة ماديّة جسديّة فإنّ العولمة مصطبغة بهذه الصبغة، فالجانب الأبرز فيها إذاً هو الجانب الاقتصادي، وهذا لا يمنع أن يكون الهدف الأسمى هو " العلمانية " التّي تُرَوِّجُ إلى الابتعاد عن الجانب الرّوحيّ، ومن الوسائل المستخدمة لتمرير هذه الأفكار: " التنصير " الّذي يجعل المسلم يتقبّل هذه الأفكار بعد انسلاخه عن دينه.
عناصر العولمة:
أ- العولمة الاقتصادية:
وأهمّ مظاهرها تحرير الأسواق (خوصصة المؤسسات) ، وانسحاب الدولة من مشاركتها الاقتصادية بالدّرجة الأولى ، وعليه فإنّ التنافس التّجاري يؤدّي إلى سيادة الأقوى واندحار الضّعيف ، وهذا ما أدّى إلى حلّ المؤسسات العموميّة وتسريح العديد من العمّال في كثير من بلدان العالم الثالث ، وأهمّ وسيلة يُضَيَّقُ بها الخناق على هذه الدّول ما يسمّى بـ " صندوق النقد الدَّوْلي " فهو مشنقة تُعْدَمُ فيها هذه الدّول بعد إثقال كواهلها بأغلال الدّيون.
ب- العولمة الثقافية:
وهذه هي أخطر المجالات حيث تهدف إلى ذهاب الدّين ، وفساد الأخلاق ، وذوبان الهويّة ، ومن ثَمَّ الفناء الحضاري للدّول.
ومن وسائلها الدّعوة إلى حريّة المرأة ومساواتها بالرّجُل ، وتفكيك الأسرة باسم الحريّات الشخصية ، والدعوة إلى هيمنة اللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية على اللّغات المحليّة كالعربية ، وفرض النّمط الأوروبّي في اللّباس والأكل ممّا يؤدي إلى ترك العادات والتّقاليد ، وبالتالي يؤدي إلى الانحلال الخُلُقي المتمثّل في الشذوذ الجنسي والمخدّرات ونحوهما.
ج- حقوق الإنسان:
لا شكّ هنا أنّ من الحقوق المطالَب بها عالميا ما هو محمود ، لكن دائما نجد ما يخالف العادات والتقاليد العربية والإسلامية ، وفي هذه الأيّام أهمّ ما تدعو إليه هذه المنظّمات " الديمقراطية " و " محاربة الإرهاب " ، فهُما ذريعتان وحُجَّتَانِ كافيتان لاحتلال الدّول الإسلامية تحت إطار الشرعية الدَّوْلية ، وبإشراف " مجلس الأمْن الدَّوْلي " كما حَدَثَ في أفغانستان والعراق وغيرهما.
د- العولمة الدينية:
والقصد هنا إبعاد المسلمين عن دينهم ، إذ يعتبر الإسلام عندهم أكبرَ حاجز لاختراق الدُّول الإسلامية والعربية ، ولذا اخترعوا ما يسمّى بـ " حوار الحضارات والأديان وتعايشها " ، وذلك من أجل احتواء الاختلافات الموجودة بين الإسلام والثقافة الغربية ، وذلك بإنشاء المعاهد والمراكز والقيام باللّقاءات الفكريّة حول هذه المواضيع.
الخاتمة:
الموقف من العولمة:
بعد هذا الذي ذكرناه ، وبالنّظر في الكتابات حول العولمة نجد أنّ المثقّفين من العرب والمسلمين وغيرهم على ثلاثة مواقف تجاه هذه العولمة:
أ- العمل بالعولمة في كلّ ما جاءت به والاندراج فيها.
ب- الرّفض التّام للعولمة لأنّها تخالف العادات والتقاليد وتحاول طمسها.
ج- العولمة مُوضة عصرية زائلة كغيرها من الموضات ، لذا يمكننا أن نأخذ منها ما ينفعنا ونذر منها ما يضرّنا مع التمسّك بعاداتنا وتقاليدنا وديننا ، ويبقى دائما في أذهاننا أنّ العولمة هي: " التغريب " و " الحداثة " و " الغزو الفكري والثقافي " بتسمية جديدة وأسلوب حديث.
/////قلم: أبي أيّوب زهير ساجي