إذا كان دواء " الفياغرا " قد أحيط بضجة إعلامية كبرى ، فلأن العنانة ( العجز الجنسي)
مشكلة عالمية تصيب أكثر من مائة مليون من الرجال في العالم . وتصيب في أمريكا وحدها ثلاثين مليونا من الرجال .
والحقيقة أن معظم الرجال يمر في فترة من فترات حياته بهجمة عابرة من العنانة ما تلبث أن تنقشع غيومها ويزول
ظلامها .
وقبل قرنين من الزمن كان يعتقد أن معظم حالات العنانة نفسية المنشأ . أما الآن فقد انقلب الرأي الطبي ، فمعظم حالات
العجز الجنسي تنجم عن سبب عضوي أو عضوي نفسي مشترك ، حسب الدراسات التي أجريت في أمريكا وأوربا .
ويعتبر القلق والضغوط النفسية أكثر الأسباب غير العضوية شيوعا . كما أن الهمود والاكتئاب النفسي يمكن أن يكون سببا
للعنانة .
ومهم جدا ألا يعتقد من أصيب بالعنانة أن ذلك الأمر دائم لن يزول . فهناك الكثير من الحالات التي يمكن علاجها بدواء أو
بدون دواء .
أما الأسباب العضوية للعنانة فتشمل مرض السكر وأمراض القلب والشرايين ، وارتفاع ضغط الدم ، وبعض الأدوية ، إضافة
إلى إصابات الحوض ، أو الأمراض العصبية .
والحقيقة أن تصلب الشرايين مسؤول عن 40 % من حالات العنانة عند الرجال فوق الخمسين من العمر . كما أنها شائعة عند
مرضى السكر الكهلي حيث يمكن أن تصيب 30 - 50 % ممن هم فوق الخمسين .
وهناك عدد آخر من الأسباب كالفشل الكلوي والفشل الكبدي ، وبعض الأمراض العصبية كالخرف المبكر ( مرض ألزهايمر ) ،
والتصلب اللويحي Multiple Sclerosis ومن المعروف أن العمليات التي تجرى لاستئصال البروستاتة يمكن أن تسبب العجز
الجنسي . كما أن الرضوض أو المعالجة الشعاعية للحوض وأمراض أسفل النخاع الشوكي يمكن أن تؤدي إلى العنانة . وهناك
عدد من الأدوية التي يمكن أن تسبب هذه الحالة ومنها المدرات البولية ، وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم ، أو بعض أدوية
القرحة المعدية ، أو المهدئات أو الأدوية المستخدمة في علاج الهمود النفسي . ويظل التدخين وشرب المسكرات سببا هاما
من أسباب العنانة .
وينبغي على المريض استشارة الطبيب ، فلا يوقف دواء أو يستعمل دواء آخر ما لم يكن ذلك برأي الطبيب . وهو الذي يمكن
أن يضع تشخيصا واضحا يحدد سبب العجز الجنسي .
هل من علاج للعجز الجنسي ؟
كثير من حالات العنانة ذات المنشأ النفسي تحتاج إلى طمأنة الطبيب ، ومصارحة المريض لطبيبه . فهناك من يحتاج إلى من
يمنحه الثقة بنفسه أو من يبعث في نفسه حلاوة السكينة والاطمئنان . وهناك عدد من الوسائل التي استخدمت في علاج
العنانة ، ومنها الأدوية كاليوهمبين وغيره ، ومنها الأعشاب والنباتات كالزنجبيل والهليون والجنسنغ وغيره ، ومنها
الحقن الموضعية وتحت الجلد والوسائل الاصطناعية الأخرى . وأخيرا تثور ضجة دواء حديث يدعى " الفياغرا " .
ما هو دواء الفياغرا :
حبوب " فياغرا " اسمها العلمي sildenafil ( سلدينافيل ) . و قد أثارت وسائل الإعلام الأمريكي و غير الأمريكي حولها
ضجة عارمة منذ أن أعلنت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA في السابع و العشرين من شهر مارس ( آذار ) 1998
موافقتها على استعماله في علاج العنانة ( العجز الجنسي ) . و منذ ذلك الحين و وسائل الإعلام تتناقل هذا الخبر و تجري
المقابلات و الاستطلاعات في التلفاز و الصحف و المجلات . فما حقيقة أمر هذا الدواء ؟
تعمل حبوب الفياغرا على كبح إفراز إنزيم معين يساهم في تكريس العجز الجنسي . و لا يعمل الدواء ما لم تكن هناك
إثارة جسدية طبيعية على العكس من الحقن المستخدمة موضعياً .
و الحقيقة أن هذا الدواء اخترع أصلاً لعلاج الذبحة الصدرية ، إلا أنه فشل في تحقيق تلك المهمة . ولكن بعض المرضى
الذين استخدموا هذا العلاج لاحظوا تحسناً في عجزهم الجنسي ، و من ثم انقلبت الأبحاث لتتجه في ذلك المجال .
و قد أجريت دراسات علمية على أكثر من ثلاثة آلاف من الرجال الذين يعانون من العجز الجنسي ، فلوحظ حدوث تحسن في
العنانة عند حوالي 69 % منهم ، إذا ما أخذت حبة الفياغرا قبل ساعة من المعاشرة الزوجية . إلا أن ذلك ترافق ببعض
التأثيرات الجانبية ، كالصداع الذي حدث بنسبة 15 % ، والإحساس بتوهج الوجه عند 10 % من المرضى ، وعسر الهضم عند
6.5 % واضطراب رؤية الألوان عند 3 % ، واحتقان الأنف عند 5, 4% ، والغثيان والدوار والطفح الجلدي في نسب ضئيلة .
هل استعمال الفياغرا مأمون ؟
يجب التأكيد أولا على حقيقة هامة هي أن هذا الدواء دواء طرح حديثا في الأسواق ، وليست هناك أية دراسات تثبت سلامته
إذا ما استعمل على المدى البعيد . كما أن عدد من استخدموه في الدراسات حوالي ثلاثة آلاف فقط .
ولهذا فقد حظرت السلطات الصحية في البلاد العربية استخدامه ريثما تتم دراسته بشكل أفضل وعلى مستوى أكبر ، وطارت من
يبيعه في السوق السوداء ، وفرضت العقوبات . وما ذلك إلا من أجل سلامة المستهلك العربي من الأدوية التي تأتي من كل
حدب وصوب. ولا بد من التريث قبل إصدار أي حكم على أي دواء . كما ينبغي التأكيد على أن لا يستخدم أي دواء إلا بمعرفة
الطبيب .
والحقيقة أننا لا نعرف في الوقت الراهن كل التأثيرات السلبية التي يمكن أن تنشأ عن استخدام الفياغرا . ولا نعلم كل
حقائقه ومشاكله . ولا بد من وجود ضوابط ودراسات رصينة قبل أن تستطيع السلطات الصحية في بلادنا إصدار توصياتها بهذا
الشأن .
ونعلم الآن أن الشركة المصنعة تحذر مرضى القلب الذين يتناولون مركبات النترات
( مثل إيزورديل وإيزمو وأشباهها ) من تناول حبوب الفياغرا حيث يمكن أن يسبب ذلك هبوطا شديدا في ضغط الدم . كما
تحذر من استخدامه عند مرضى قرحة المعدة . وعند من لديهم استعداد للنزف .
كما تحذر من استخدام أكثر من حبة واحدة في اليوم ( بجرعة قصوى هي 100 ملغ ) . وباختصار فإننا بحاجة إلى مزيد من
الدراسات العملية التي تثبت فعالية هذا الدواء وسلامته قبل أن تتمكن الجهات الصحية المسؤولة في بلادنا العربية من
السماح له .
وأخيرا .. نحذر أولئك الأسوياء الذي لا يشكون من العجز الجنسي من اتباع الشهوات والجري خلف تلك الموضات ، دون إدراك
ما يمكن أن يسببه تناول مثل تلك الأدوية من مخاطر ومحاذير قد لا يحمد عقباها .