تسمع حياة مواء قطة في الحديقة وهي عائدة من المدرسة الثانوية مع ميساء ، تبحث عن مصدر الصوت ، فتجد قطة مختبئة وراء كومة أغصان جافّة وهي تلاعب عصفوراً مفزوعاً قبل أن تنقض عليه .
تضحك ميساء لفظاظة القطة فتقول لها الأم : هذه هي الحياة .. هي هكــذا قائمة على الصراع ..
بعد الغداء تنهمك بتصحيح كراسات الطالبات وتعثر على ( طُرَف ) أدرجتها الطالبات في دفاتر الإنشاء انعكاساً لما تحثهن به ..
كانت قد حدّثت البنات بطريقتها الشيَِقة عن أحوال الأسماء والأفعال والحروف وكشفت لهن عن عمل الضمائر الظاهرة والمستترة التي غيَّبهــا اسم متقدم مهيمـــن ..
تقول لهن: عندما يرتبط الاسم بضمير من الضمائر المتصلة فإن الاسم والضمير يتلازمان ويؤثر أحدهما بالآخــر إلى ما لا نهاية ..
تسألها البنات عن أسرار القول ، وتدلهن على قوة الكلمات وقدرتها على تغيير صورة الحياة ..
الفعل يمكن أن يُبنى للمجهول ، وعندئذ سيرفع المفعول به رأسه ويشمخ بهامته عالياً بعد زوال مؤثرات الفعل عنه ..
تقول لهن : الأسماء لا ينكسر حضورها إلاّ إذا استسلمت لغواية الجذب والجــــر أو إذا أُضيفت إلى سواها ولم تكتفِ بذاتها مثلنا نحن البشر ..
إذا امتلكنا قدرة التحكم بأنفسنا دون اتكاء على آخــر فلن نتعرض للكسر أو للجـــر بالإضافة إلى سوانا ..
...... تقوم الست حياة عند انتصاف الليل بإعداد عجينة خبز اليوم التالي ، فقد صار إعداد الخبز طريقة لقول سر الحياة ، صار اسلوباً للمكوث بالزمن ..
تعرف الست حياة أن إعداد الخبز يمكن أن يقوم به آخرون .. أن يُشترى من المخابز ، بعد أن عاد تشغيل محطات الكهرباء ، لكنها تواصل إعداده في البيت كجزء من مقاومتها للحزن أو الفناء ..
يقوم سر صناعة الخبز على فكرة اللقاح ذاتها التي تديم حياة الكائنات الحيَّة من الأحياء والنباتات، فهذه الخميرة التي تقتطعها النساء من عجينة الأمس ، هي التي تنضج عجينة الغــــــد ، بأنزيماتها الفعالة ، خميرة يمتد عمرها إلى ما لا يعرفه أحد من عدد الدهور والسنين ، تشبه خلايا الأسلاف التي تنتقل من جيل إلى جيل عبر الإنجاب لتدوم الحياة ..
....... في عزلتها وهي تجلس محنية الظهر أمام قدح شاي إزاء النافذة ولا يُضيء الغرفة غير فانوس نفطي صغير تسمع صداح أغنية حب لفيروز ..
يغمرها الصوت المطري الهارب من فراديس الأمس بالندى ، ترتجف بالحنين وتبدو الحروب كأنها لم توجد قط في هذا العالم .. وما عبرت نيرانها على جباه المدن الغافية ولا أطبقت مخالبها على عنق الزمان ..
تُردد مع فيروز ...........
رجعت في المساء كالقمر المهاجر
حقولك السماء حصانك البيادر
أنا نسيت وجهي .. تركته يسافر
.........
.........
وبحضور الليل والأسماء والعناصر
أعلن حبي لك واتحادي بحزن عينيك
من حديقة الحياة / لطيفة الديلمي
تضحك ميساء لفظاظة القطة فتقول لها الأم : هذه هي الحياة .. هي هكــذا قائمة على الصراع ..
بعد الغداء تنهمك بتصحيح كراسات الطالبات وتعثر على ( طُرَف ) أدرجتها الطالبات في دفاتر الإنشاء انعكاساً لما تحثهن به ..
كانت قد حدّثت البنات بطريقتها الشيَِقة عن أحوال الأسماء والأفعال والحروف وكشفت لهن عن عمل الضمائر الظاهرة والمستترة التي غيَّبهــا اسم متقدم مهيمـــن ..
تقول لهن: عندما يرتبط الاسم بضمير من الضمائر المتصلة فإن الاسم والضمير يتلازمان ويؤثر أحدهما بالآخــر إلى ما لا نهاية ..
تسألها البنات عن أسرار القول ، وتدلهن على قوة الكلمات وقدرتها على تغيير صورة الحياة ..
الفعل يمكن أن يُبنى للمجهول ، وعندئذ سيرفع المفعول به رأسه ويشمخ بهامته عالياً بعد زوال مؤثرات الفعل عنه ..
تقول لهن : الأسماء لا ينكسر حضورها إلاّ إذا استسلمت لغواية الجذب والجــــر أو إذا أُضيفت إلى سواها ولم تكتفِ بذاتها مثلنا نحن البشر ..
إذا امتلكنا قدرة التحكم بأنفسنا دون اتكاء على آخــر فلن نتعرض للكسر أو للجـــر بالإضافة إلى سوانا ..
...... تقوم الست حياة عند انتصاف الليل بإعداد عجينة خبز اليوم التالي ، فقد صار إعداد الخبز طريقة لقول سر الحياة ، صار اسلوباً للمكوث بالزمن ..
تعرف الست حياة أن إعداد الخبز يمكن أن يقوم به آخرون .. أن يُشترى من المخابز ، بعد أن عاد تشغيل محطات الكهرباء ، لكنها تواصل إعداده في البيت كجزء من مقاومتها للحزن أو الفناء ..
يقوم سر صناعة الخبز على فكرة اللقاح ذاتها التي تديم حياة الكائنات الحيَّة من الأحياء والنباتات، فهذه الخميرة التي تقتطعها النساء من عجينة الأمس ، هي التي تنضج عجينة الغــــــد ، بأنزيماتها الفعالة ، خميرة يمتد عمرها إلى ما لا يعرفه أحد من عدد الدهور والسنين ، تشبه خلايا الأسلاف التي تنتقل من جيل إلى جيل عبر الإنجاب لتدوم الحياة ..
....... في عزلتها وهي تجلس محنية الظهر أمام قدح شاي إزاء النافذة ولا يُضيء الغرفة غير فانوس نفطي صغير تسمع صداح أغنية حب لفيروز ..
يغمرها الصوت المطري الهارب من فراديس الأمس بالندى ، ترتجف بالحنين وتبدو الحروب كأنها لم توجد قط في هذا العالم .. وما عبرت نيرانها على جباه المدن الغافية ولا أطبقت مخالبها على عنق الزمان ..
تُردد مع فيروز ...........
رجعت في المساء كالقمر المهاجر
حقولك السماء حصانك البيادر
أنا نسيت وجهي .. تركته يسافر
.........
.........
وبحضور الليل والأسماء والعناصر
أعلن حبي لك واتحادي بحزن عينيك
من حديقة الحياة / لطيفة الديلمي