نظرة واحدة كانت كافية لينخطف قلبه ويتلوى بنار الهوى. جذبته طلّتها، وفتنه وجهها، وسحره شعرها، أما عيناها فشلّت عقله وتفكيره. واعتلت وجهه ابتسامة سخيفةٌ حالمة ولهانة. بادلته إياها فرقص قلبه وخلاً، واشتعلت في داخله نار الحب. إنّه الحب من النظرة الأولى. أراد أن يخطفها إلى عالمٍ خفيٍّ لا يراه إلا هما الإثنان فيحجبها عن الأعين الحاسدة ويحتفظ بها لنفسه. فهي حبيبته... حبيبته وحده... هي ملكه ولا يريد أن يتشاركها مع أحد. تمالك نفسه واقترب منها. حادثها وحادثته. فاكتشف اسمها وسألها عن موعدِ لقاءٍ آخر، فقبلت. افترقا ولكن لم يفترقا. فاسمها انحفر في ذاكرته، ووجهها انطبع في مخيّلته. تتالت اللقاءات مبشّرةً بقصّة حبٍ جميلة آلت بالحبيبين إلى الإرتباط.
إنّها قصّة يبحث عنها ليس فقط الشبان والشابات بل أيضاً أيّ شخصٍ قادر على الحب. فمن لا يحلم بأن يعثر على توأم روحه؟ تتتالى القصص وتتنوّع، بعضها ينتهي بنهاية سعيدة، أما البعض الآخر فينتهي بفراقٍ دائم. ولكن جميع هذه القصص تتمحور حول مفهومٍ واحد وهو الحب من النظرة الأولى. يؤمن الكثيرون أن الحب من النظرة الأولى كافٍ لتأسيس حياةٍ سعيدة هانئة مع شريك العمر. ولكن الحب من النظرة الأولى لا يعدُّ حباً. إنّه شعلةٌ تلهب القلب، إنّه افتنانٌ يشغل العقل لفترةٍ زمنيّة معيّنة، لا أكثر ولا أقل.
المظهر الخارجي
الحب من النظرة الأولى هو نقطة الإنطلاق للحصول على الحب الحقيقي. فهذا الأخير، هو الذي يجمع بين الحبيبين، ويدوم إلى الأبد، ويضمن السعادة... بلا خيبة أمل وبلا أحزان... وبلا انفصال. يعتمد الحب من النظرة الأولى على المظهر الخارجي للشخص: العيون، النظرات، الفم، الشعر، الجسد، الطلّة، الكلام، نبرات الصوت، أو التصرفات. فينسى العاشق صفات الحبيب، من شخصيّة، وطباع، وثقافة، وأخلاق... فيعتقد أنّه عثر على الشريك المثالي الذي طالما تمنى أن يلتقي به.
الانطباع القوي
ويشير الكاتب الأمريكي أريك إلى أنّ الانطباع القوي الناجم عن اللقاء الأول بين الفتاة والشاب والذي يطلق عليه الكثيرون اسم الحب من النظرة الأولى، يكون خادعاً في أغلب الأحيان. فقد يكون هذا الإحساس ناجماً عن ولع أحدهما بفكرة الحب نفسها أو يكون محاولةً لتجسيد صورة أو صفات المحبوب الموجودة في الخيال عند الآخر. ولكنّه يكتشف في المستقبل أن الخيال مخالف للواقع كما أن الإعجاب القائم على الشكل الخارجي وليس الجوهر الداخلي، فسرعان ما يتلاشى.