من اجل تغيير البنية المنخفضة التأهيل لموظفي الدولة
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
.
بافتراض أن رسالة مفادها أن "عملية الإصلاح أمر حيوي reform or die" قد وصلت إلى الجميع –عذراً لبعض من يراها رؤية مبالغة أو تشاؤمية-، و بما أنه لا تنمية اقتصادية واجتماعية من دون أجهزة إدارية كفؤة متعلمة ومتدربة ومحفزة للقيام بها، و كل ذلك لا يتم إلا عبر إدخال ذهنية جديدة على أداء ومسؤوليات القطاع الحكومي، و بناء وظائف عامة تضم اختصاصيين رفيعي المستوى من خلال التدريب المتواصل برواتب معقولة تزداد في آخر الأمر عن طريق الحوافز التي تمنح على أسس شفافة واستناداً إلى تقييم الأداء من جانب آخر.
الأمر الذي يصب في خانة سياسة عامة معلنة (أو غيرذ لك) للحكومة تهدف لترشيق الإدارة الرسمية وخفض كلفتها وزيادة فعاليته، لتلافي ما وصل إليه وضع الوظيفة العامة السورية و موظفيها من ضعف وترهل، وبغية التغلب على أهم التحديات التي تعترض إدارة الوظيفة العامة المتصلة جزئياً بتضخم عدد الموظفين، و بالمرتبات المتدنية، و الفجوة في التدريب، و الصعوبات في التلاؤم مع متطلبات المرحلة الجديدة لتغيير دور الدولة في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي، و الذي تواجهه الإدارة العامة السورية في محيط سريع التغيير ..، و باختصار فإن ذلك يتم عبر رؤية جديدة رسمتها الخطة الخمسية العاشرة؛ مفادها:
"إدارة عامة، منتجة، كفؤة، شفافة، مبادرة، ذات رؤية تنموية مستقبلية، ومسؤولة وفاعلة ومنفتحة على قوى المجتمع ومتوجهة نحو خدمة المواطن ودعم الاقتصاد الوطني"
الأمر الذي يقودنا إلى طرح عدد من التوصيات والمقترحات المبدئية الآتية:
- إيجاد قاعدة بيانات حقيقة عن واقع الوظيفة العامة وموظفيها، تمتاز بالصحة والدقة والوضوح.
- إنشاء وتطوير دراسات عملية تطبيقة عن الوظيفة العامة السورية، مستفيدين من تجارب بقية دول العالم في مجال الخدمة المدنية، من:
الدول المتأثرة بالنموذج الفرنسي وأساساً دول المغرب العربي و التي تم اعتماد "نظام الوظيفة العمومية-Statut de la function publique".
الدول المتأثرة بالنظام الأنجلوسكسوني اعتمدت تسمية "الخدمة المدنية-Civil Service".
و ذلك لتوليد نموذج صالح لمقتضيات الوظيفة العامة، ومراحل تطور الإدارة السورية، و المتطلبات المتوقعة منها في ظل المرحلة القادمة، على أن يمزج بين النظامين التقليدين السابقين: نموذج نظام الوظيفة أو المسار الوظيفي أو ما يدعى بالوظيفة ذات البنية المغلقة، و نموذج الخطة (التعاقد) أو ما يدعى بالوظيفية العامة ذات البنية المفتوحة.
- التخلص من تطبيق فكرة أن الحكومة رب العمل الأول عبر تغليب الجانب الاجتماعي على الاقتصادي، الأمر الذي يُرهق كاهل الميزانية ويجمّد طاقات عمل فاعلة ويخدم فكرة اعتماد الشعب على الحكومة في رزقه، ويزود قطاع الدولة بعناصر منخفضة الكفاءة والفعالية،ليس لأداء الخدمة العامة بل لأمور و غايات أخرى.
- إحداث جهة عامة (وزارة- هيئة- مجلس- ...) تتولى إدارة الوظيفة العامة السورية، وتنظيم أمورها، والمساهمة في وضع سياستها، والإشراف على تنفيذها وتقييمها، وفي كل ما يتعلق من بنيتها المؤسساتية؛ وشؤونها التنظيمية والتشريعية؛ ومواردها البشرية العامة (تخطيط للقوى العاملة الحكومية انتقاء، تدريب، تقييم، تحفيز، ترقية، ....) والقطاعات الإدارية الأخرى التي تشرف على شؤون الموارد البشرية في مختلف الجهات العامة (مديريات، أو دوائر شؤون العاملين الحالية في وزارات و مؤسسات الدولة)،وفيما يلي النموذج المقترح لهيكل هذه الجهة ومهامها :
الهيكلية الأولية المقترحة للجهة التي تنظم الوظيفة العامة
المجلس الأعلى للوظيفة العامة
وزارة/هيئة
يتبع لها:
المعهد الوطني للإدارة العامة.
السجل العام للعاملين في الدولة.
تتألف من المديريات التالية:
أولا- المديريات الرئيسية:
مديرية الوظيفة العامة.
مديرية الموارد البشرية.
مديرية التطوير والتحديث.
ثانيا- المديريات التقليدية:
مديرية التخطيط والإحصاء.
مديرية الشؤون المالية.
مديرية المعلوماتية.
مديرية الرقابة الداخلية.
مديرية الشؤون القانونية والتشريعية
مديرات أخرى......
ويتبع لكل مديرية من هذه المديريات مجموعة من الدوائر تكون مهامها الوظيفية مرتبطة بنوع العمل والمهمة التي تنهض بها من مجمل المهام التي تختص بها هذه الجهة.
من مهام الجهة وزارة/هيئة
• إجراء تقييم عام للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للعاملين في الدولة وفقا لمعايير دقيقة.
• العمل على توفير بيئة مناسبة للنهوض بمستوى الخدمات العامة وتحديد أساليب قياس كفاءة وجودة الخدمة المقدمة مع اعتماد محددات ومؤشرات الأداء والتقييم.
• بحث ومراجعة وتقييم السياسات والخطط العامة للوظيفة العامة في الدولة والإجراءات اللازمة لتنفيذها وتطويرها ورفعها إلى المجلس الأعلى للوظيفة العامة, ومراجعة طرق شغل الوظائف القيادية والقوانين الحاكمة لها بما يسمح بوضع آليات لاختيار القادة تقوم على عناصر القدرات العلمية.
• تنظيم وحصر الموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة.
• تنفيذ السياسات والخطط العامة للتوظيف في الجهات العامة للدولة ووضع الأسس والمعايير المتعلقة بالاختيار للعمل في الوظيفة العامة .
• تنمية الموارد البشرية وضمان الاستخدام الأمثل للقوى البشرية.
• توفير الحوافز الداعمة لتطوير وتحديث الأنماط السلوكية للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة لرفع كفاءتهم .
• إجراء الدراسات للقوانين الحاكمة للجهاز الإداري للدولة وإجراء دراسة الأجور والعلاوات والبدلات والمكافآت والتعويضات بالتنسيق مع وزارتي المالية وهيئة تخطيط الدولة بما يحقق الربط الكامل بينها وبين الانجاز وتحقيق سياسة الثواب والعقاب.
• وضع التوجيهات العامة للتدريب الإداري والربط بينه وبين تطبيق آليات العصر وتفعيل التدريب المستمر وربطه بالاحتياجات العلمية وتحديد أساليب التنفيذ بالتعاون مع الجهات المهتمة بالتدريب ومتابعة تنفيذها.
• إعداد برامج تدريب القادة الإداريين لخلق كوادر قادرة على التعامل بأساليب الإدارة الحديثة ولديها روح الابتكار والتطوير وتحمل المسؤولية وإزالة العوائق والعقبات وتيسير التعامل مع التركيز على بناء الصف الأول والثاني.
• اقتراح مشروعات القوانين الناظمة للوظيفة العامة والتعديلات اللازمة ورفعها إلى الجهات المختصة لإقرارها.
• إعداد مشروعات الهياكل التنظيمية لوحدات الجهاز الإداري للدولة ومتابعة التعديل والتحديث على بنيتها .
• إعداد أسس توصيف وترتيب الوظائف على مستوى وحدات الجهاز الإداري في الدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• إعداد مشروعات الخطط الوظيفية(إحداث- تعديل-إلغاء) لوحدات الجهاز الإداري للدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• مراقبة ومتابعة تنفيذ قوانين الوظيفة العامة ولوائحها وإصدار التعاميم والنشرات والأدلة اللازمة لضمان سلامة وحسن تنفيذ وإعداد التقارير الدورية بنتائج المراقبة والمتابعة.
• المشاركة في إعداد الخطط الخمسيةوالسنوية لتأهيل وتدريب القوى البشرية العاملة في وحدات الجهاز الإداري للدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• القيام بالدراسات والبحوث الهادفة لتبسيط إجراءات العمل وتحديد أسس ثابتة بمعدلات الأداء.
• إعداد خطط التنمية والإصلاح الوظيفي المستمر ورفعها إلى المجلس الأعلى للوظيفة العامة تمهيدا لاعتمادها من مجلس الوزراء .
• العمل على تحفيز واستقطاب الخبرات السورية في الخارج للعمل في الوظيفة العامة في الدولة.
• تقديم الاستشارة وإبداء الرأي لوحدات الجهاز الإداري في الدولة .
• دراسة الموضوعات المقرر عرضها على المجلس الأعلى للوظيفة العامة ومتابعة تنفيذ قراراته بشأنها.
• بحث ودراسة الشكاوي والتظلمات المقدمة من الموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة ورفع المقترحات للمجلس الأعلى للوظيفة العامة لاتخاذ القرار بما لايتعارض مع اختصاص بعض الأجهزة الأخرى وبالتنسيق معها.
• تأسيس تشغيل ومتابعة تحديث بوابة الحكومة الالكترونية على شبكة المعلومات الدولية.
• وضع وتنفيذ برنامج إتاحة الخدمات الحكومية من خلال روافد جديدة ومتعددة مثل شبكة المعلومات الدولية(الانترنت) وخدمة التليفون (الثابت والمحمول) ومراكز تقديم الخدمات.
• التنسيق بينها وبين المؤسسات العلمية والوكالات والمراكز البحثية – الوطنية والأجنبية- المختصة بتنمية الموارد البشرية وتطويرها وتفعيل التعاون بينها.
و في هذا نذكر في ما أوردته وثيقة الإصلاح العربي عبر اللجنة المكلفة بمحور الخدمة المدنية والنزاهة من أن تجربة الدول العربية في مجال إعادة تنظيم بنية الوظيفة العامة تتوزع بين ثلاث أشكال:
أ- أنظمة مركزية:
حيث ارتبطت عمليات الإصلاح الإداري والوظيفي في تلك الدول بإنشاء أجهزة مركزية تمايزت في نماذجها التنظيمية وأسلوب تشكيلها، و يمكن إدراجها في ثلاثة نماذج:
1. نموذج القيادة الجماعية، و يظهر هذا الأسلوب في شكل مجلس الخدمة المدنية ملحق برئاسة مجلس الوزراء و يتكون من إدارة الموظفين و من إدارة الإعداد و التدريب.
2. نموذج القيادة الفردية، و يظهر هذا الأسلوب من القيادة في شكل ديوان، أو إدارة أو مديرية، أو وزارة.
3. الأسلوب المزيج في القيادة، قيادة فردية في ظل القيادة الجماعية، مثال نظام التأليف بين المجلس أو الديوان أو الوزارة.
ب- أفضلية نظام الإلحاق بمجلس الوزراء مع إحداث مجلس أعلى للموارد البشرية:
للأهمية الإستراتيجية، و لوحدة الذات الاعتبارية للدولة و وحدة نظام الخدمة المدنية الذي ينسحب على كل الذوات العمومية الأخرى، و كذلك لضمان حسن التنسيق في استخدام الموارد البشرية...
الإلحاق المذكور يتوجب إرفاقه بمجلس استشاري للخدمة المدنية مفتوح لتمثيلية واسعة (النظام التونسي هو الأقرب من هذا النموذج: وزير الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري ملحق بالوزارة الأولى، و مجلس أعلى للوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري ذو دور استشاري يرأسه الوزير الأول)
ت- إدخال المرونة في النظام:
اللامركزية مع نظام إشراف صارم، و إفراد الجماعات المحلية بنظام خدمة مدنية خاص بأعوانها.
- إعادة فرز وتصنيف لكافة الموظفين السوريين وفقاً لمؤهلاتهم وكفاءتهم الفعلية –ليس إلا- عبر:
إجراء تقييم عام لهم متعدد الأشكال؛ وفقا لآليات متطورة ودقيقة وشفافة (يمكن الاستفادة في هذا من سياسة القبول المطبقة في المعهد الوطني للإدارة العامة)؛ يطال خصوصاً الفئات الوظيفة الثلاثة الأولى لتلافي التقصير والخلل السابق في تحديد مستويات الأداء للموظفين السوريين الحاليين. و يمكن أن تكون هذه المهمة أولى اختصاصات المنظمة المقترح إحداثها في الفقرة المذكورة آنفاً، أو لزيادة الشفافية والوثوقية يمكن اختيار أعضاء محددين من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة و الخبرة المهنية العملية في أمور الوظيفة العامة و مواردها البشرية، مع تزويدها بما يلزم من صلاحيات و استقلالية لتنفيذ هذه المهمة الكبيرة.
اتخاذ الإدارة الإجراءات والتنقلات اللازمة في ضوء نتائج التقييم العام السابق، و ذلك عبر استبعاد من يثبت تدني مستوى كفاءته الوظيفة، و أعطاء فرصة أخرى بعد مدة زمنية معينة لذوي الحدود المقبولة لمستوى الأداء والكفاءة لإثبات جدارتهم، و فرز من تتضح مهاراته وخبرته ومؤهلاته ليكون نواة وقاعدة اختيار للإدارة السورية المقبلة؛ بمستوياته العليا والمتوسطة والدنيا.
العمل على تغيير مديرية (و دوائر) شؤون العاملين في الوظيفة العامة السورية إلى مديرية للموارد البشرية مفهوماً وتطبيقاً عملياً، وذلك عبر تغيير توصيفها الوظيفي الحالي واختيار القائمين عليها من ذوي المعرفة العلمية في الإدارة العامة- الموارد البشرية، أو تأهيل القائمين الحاليين على شؤون تلك المديريات -من ذوي التخصص الحقوقي أو غيره- عبر ربط بقائهم في مناصبهم الحالية باجتيازهم لدورات مكثفة في الإدارة العامة والموارد البشرية، يمكن أن تكون مثلاً على فترتين لمدة سنتين كل سنة لمدة ثلاث أشهر على الأقل.
تطبيق أشكال التقاعد المبكر المختلفة كوسيلة أخرى مساعدة في تخفيض العدد الكبير للعاملين في الدولة .... وخلال فترة زمنية محددة ومخطط بحيث يتم الوصول في نهايتها الى العدد المناسب من العمالة في القطاع العام ويراعى فيها بين بقاء الافضل واستبدال الذي ثبت بنتيجة التقييم المذكور سابقا انه لا يتلائم والغاية من تطوير الخدمة العامة
وتتراوح اشكال التقاعدبين :
ا- التقاعد العادي وبنسب احلال مختلفة :
للفئة الاولى كلما تقاعدموظف يحل محله بالتعيين موظف واحد
للفئة الثانيةكلماتقاعد موظفين يحل محلهما موظف واحد
للفئةالثالثةكلما تقاعد ثلاث موظفين يحل محلهم موظف واحد
للفئةالرابعة والخامسة كلما تقاعد ثلاثة موظفين يحل محلهم موظف واحد
ومن ثم عند تخطيط القوى العاملةالمستقبلي تراعى مستويات الكفاءة بحدها الادنى العلمية والمهنية.
ب - التقاعدالمبكرالذي يراعى فيه مستوى محدد من السن على الشكل التالي :
اختياري للفئة الاولى للادارةوالموظف.
اجباري في الفئةالثانية للموظف , واختياري للادارة ( للحفاظ على بعض الخبرات )
اجباري للفئة الثالثة والرابعة والخامسة
ج - التقاعدبنسبة من الاجر:
تحدد حسب شرو ط معينة ولكن مع ملاحظة وتفعيل امكانية تأسيس مشروعات صغيرة وتمويلها وهذا يطبق على الذين لم تثبت كفاءتهم نتيجة التقييم المذكور سابقا.مع الملاحظة أنه (بين 50-60%من أعمال القطاع الخاص في العالم تتم عن طريق المشروعات الصغيرة وان 90%من عمال العالم يعملون في المشروعات الصغيرة.)
وبذلك يتم الوصول الى الشكل الأمثل للادارة العامة في سورية بالمقارنة مع الدول الأخرى من حيث عدد الموظفين ونسبتهم الى السكان وحجم الإنفاق على الوظيفة العامة ونبين فيما يلي دراسة مقارنة مع الدول التي تشابه الوضع السوري في مجال الوظيفة العامة
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
.
بافتراض أن رسالة مفادها أن "عملية الإصلاح أمر حيوي reform or die" قد وصلت إلى الجميع –عذراً لبعض من يراها رؤية مبالغة أو تشاؤمية-، و بما أنه لا تنمية اقتصادية واجتماعية من دون أجهزة إدارية كفؤة متعلمة ومتدربة ومحفزة للقيام بها، و كل ذلك لا يتم إلا عبر إدخال ذهنية جديدة على أداء ومسؤوليات القطاع الحكومي، و بناء وظائف عامة تضم اختصاصيين رفيعي المستوى من خلال التدريب المتواصل برواتب معقولة تزداد في آخر الأمر عن طريق الحوافز التي تمنح على أسس شفافة واستناداً إلى تقييم الأداء من جانب آخر.
الأمر الذي يصب في خانة سياسة عامة معلنة (أو غيرذ لك) للحكومة تهدف لترشيق الإدارة الرسمية وخفض كلفتها وزيادة فعاليته، لتلافي ما وصل إليه وضع الوظيفة العامة السورية و موظفيها من ضعف وترهل، وبغية التغلب على أهم التحديات التي تعترض إدارة الوظيفة العامة المتصلة جزئياً بتضخم عدد الموظفين، و بالمرتبات المتدنية، و الفجوة في التدريب، و الصعوبات في التلاؤم مع متطلبات المرحلة الجديدة لتغيير دور الدولة في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي، و الذي تواجهه الإدارة العامة السورية في محيط سريع التغيير ..، و باختصار فإن ذلك يتم عبر رؤية جديدة رسمتها الخطة الخمسية العاشرة؛ مفادها:
"إدارة عامة، منتجة، كفؤة، شفافة، مبادرة، ذات رؤية تنموية مستقبلية، ومسؤولة وفاعلة ومنفتحة على قوى المجتمع ومتوجهة نحو خدمة المواطن ودعم الاقتصاد الوطني"
الأمر الذي يقودنا إلى طرح عدد من التوصيات والمقترحات المبدئية الآتية:
- إيجاد قاعدة بيانات حقيقة عن واقع الوظيفة العامة وموظفيها، تمتاز بالصحة والدقة والوضوح.
- إنشاء وتطوير دراسات عملية تطبيقة عن الوظيفة العامة السورية، مستفيدين من تجارب بقية دول العالم في مجال الخدمة المدنية، من:
الدول المتأثرة بالنموذج الفرنسي وأساساً دول المغرب العربي و التي تم اعتماد "نظام الوظيفة العمومية-Statut de la function publique".
الدول المتأثرة بالنظام الأنجلوسكسوني اعتمدت تسمية "الخدمة المدنية-Civil Service".
و ذلك لتوليد نموذج صالح لمقتضيات الوظيفة العامة، ومراحل تطور الإدارة السورية، و المتطلبات المتوقعة منها في ظل المرحلة القادمة، على أن يمزج بين النظامين التقليدين السابقين: نموذج نظام الوظيفة أو المسار الوظيفي أو ما يدعى بالوظيفة ذات البنية المغلقة، و نموذج الخطة (التعاقد) أو ما يدعى بالوظيفية العامة ذات البنية المفتوحة.
- التخلص من تطبيق فكرة أن الحكومة رب العمل الأول عبر تغليب الجانب الاجتماعي على الاقتصادي، الأمر الذي يُرهق كاهل الميزانية ويجمّد طاقات عمل فاعلة ويخدم فكرة اعتماد الشعب على الحكومة في رزقه، ويزود قطاع الدولة بعناصر منخفضة الكفاءة والفعالية،ليس لأداء الخدمة العامة بل لأمور و غايات أخرى.
- إحداث جهة عامة (وزارة- هيئة- مجلس- ...) تتولى إدارة الوظيفة العامة السورية، وتنظيم أمورها، والمساهمة في وضع سياستها، والإشراف على تنفيذها وتقييمها، وفي كل ما يتعلق من بنيتها المؤسساتية؛ وشؤونها التنظيمية والتشريعية؛ ومواردها البشرية العامة (تخطيط للقوى العاملة الحكومية انتقاء، تدريب، تقييم، تحفيز، ترقية، ....) والقطاعات الإدارية الأخرى التي تشرف على شؤون الموارد البشرية في مختلف الجهات العامة (مديريات، أو دوائر شؤون العاملين الحالية في وزارات و مؤسسات الدولة)،وفيما يلي النموذج المقترح لهيكل هذه الجهة ومهامها :
الهيكلية الأولية المقترحة للجهة التي تنظم الوظيفة العامة
المجلس الأعلى للوظيفة العامة
وزارة/هيئة
يتبع لها:
المعهد الوطني للإدارة العامة.
السجل العام للعاملين في الدولة.
تتألف من المديريات التالية:
أولا- المديريات الرئيسية:
مديرية الوظيفة العامة.
مديرية الموارد البشرية.
مديرية التطوير والتحديث.
ثانيا- المديريات التقليدية:
مديرية التخطيط والإحصاء.
مديرية الشؤون المالية.
مديرية المعلوماتية.
مديرية الرقابة الداخلية.
مديرية الشؤون القانونية والتشريعية
مديرات أخرى......
ويتبع لكل مديرية من هذه المديريات مجموعة من الدوائر تكون مهامها الوظيفية مرتبطة بنوع العمل والمهمة التي تنهض بها من مجمل المهام التي تختص بها هذه الجهة.
من مهام الجهة وزارة/هيئة
• إجراء تقييم عام للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للعاملين في الدولة وفقا لمعايير دقيقة.
• العمل على توفير بيئة مناسبة للنهوض بمستوى الخدمات العامة وتحديد أساليب قياس كفاءة وجودة الخدمة المقدمة مع اعتماد محددات ومؤشرات الأداء والتقييم.
• بحث ومراجعة وتقييم السياسات والخطط العامة للوظيفة العامة في الدولة والإجراءات اللازمة لتنفيذها وتطويرها ورفعها إلى المجلس الأعلى للوظيفة العامة, ومراجعة طرق شغل الوظائف القيادية والقوانين الحاكمة لها بما يسمح بوضع آليات لاختيار القادة تقوم على عناصر القدرات العلمية.
• تنظيم وحصر الموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة.
• تنفيذ السياسات والخطط العامة للتوظيف في الجهات العامة للدولة ووضع الأسس والمعايير المتعلقة بالاختيار للعمل في الوظيفة العامة .
• تنمية الموارد البشرية وضمان الاستخدام الأمثل للقوى البشرية.
• توفير الحوافز الداعمة لتطوير وتحديث الأنماط السلوكية للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة لرفع كفاءتهم .
• إجراء الدراسات للقوانين الحاكمة للجهاز الإداري للدولة وإجراء دراسة الأجور والعلاوات والبدلات والمكافآت والتعويضات بالتنسيق مع وزارتي المالية وهيئة تخطيط الدولة بما يحقق الربط الكامل بينها وبين الانجاز وتحقيق سياسة الثواب والعقاب.
• وضع التوجيهات العامة للتدريب الإداري والربط بينه وبين تطبيق آليات العصر وتفعيل التدريب المستمر وربطه بالاحتياجات العلمية وتحديد أساليب التنفيذ بالتعاون مع الجهات المهتمة بالتدريب ومتابعة تنفيذها.
• إعداد برامج تدريب القادة الإداريين لخلق كوادر قادرة على التعامل بأساليب الإدارة الحديثة ولديها روح الابتكار والتطوير وتحمل المسؤولية وإزالة العوائق والعقبات وتيسير التعامل مع التركيز على بناء الصف الأول والثاني.
• اقتراح مشروعات القوانين الناظمة للوظيفة العامة والتعديلات اللازمة ورفعها إلى الجهات المختصة لإقرارها.
• إعداد مشروعات الهياكل التنظيمية لوحدات الجهاز الإداري للدولة ومتابعة التعديل والتحديث على بنيتها .
• إعداد أسس توصيف وترتيب الوظائف على مستوى وحدات الجهاز الإداري في الدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• إعداد مشروعات الخطط الوظيفية(إحداث- تعديل-إلغاء) لوحدات الجهاز الإداري للدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• مراقبة ومتابعة تنفيذ قوانين الوظيفة العامة ولوائحها وإصدار التعاميم والنشرات والأدلة اللازمة لضمان سلامة وحسن تنفيذ وإعداد التقارير الدورية بنتائج المراقبة والمتابعة.
• المشاركة في إعداد الخطط الخمسيةوالسنوية لتأهيل وتدريب القوى البشرية العاملة في وحدات الجهاز الإداري للدولة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
• القيام بالدراسات والبحوث الهادفة لتبسيط إجراءات العمل وتحديد أسس ثابتة بمعدلات الأداء.
• إعداد خطط التنمية والإصلاح الوظيفي المستمر ورفعها إلى المجلس الأعلى للوظيفة العامة تمهيدا لاعتمادها من مجلس الوزراء .
• العمل على تحفيز واستقطاب الخبرات السورية في الخارج للعمل في الوظيفة العامة في الدولة.
• تقديم الاستشارة وإبداء الرأي لوحدات الجهاز الإداري في الدولة .
• دراسة الموضوعات المقرر عرضها على المجلس الأعلى للوظيفة العامة ومتابعة تنفيذ قراراته بشأنها.
• بحث ودراسة الشكاوي والتظلمات المقدمة من الموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة ورفع المقترحات للمجلس الأعلى للوظيفة العامة لاتخاذ القرار بما لايتعارض مع اختصاص بعض الأجهزة الأخرى وبالتنسيق معها.
• تأسيس تشغيل ومتابعة تحديث بوابة الحكومة الالكترونية على شبكة المعلومات الدولية.
• وضع وتنفيذ برنامج إتاحة الخدمات الحكومية من خلال روافد جديدة ومتعددة مثل شبكة المعلومات الدولية(الانترنت) وخدمة التليفون (الثابت والمحمول) ومراكز تقديم الخدمات.
• التنسيق بينها وبين المؤسسات العلمية والوكالات والمراكز البحثية – الوطنية والأجنبية- المختصة بتنمية الموارد البشرية وتطويرها وتفعيل التعاون بينها.
و في هذا نذكر في ما أوردته وثيقة الإصلاح العربي عبر اللجنة المكلفة بمحور الخدمة المدنية والنزاهة من أن تجربة الدول العربية في مجال إعادة تنظيم بنية الوظيفة العامة تتوزع بين ثلاث أشكال:
أ- أنظمة مركزية:
حيث ارتبطت عمليات الإصلاح الإداري والوظيفي في تلك الدول بإنشاء أجهزة مركزية تمايزت في نماذجها التنظيمية وأسلوب تشكيلها، و يمكن إدراجها في ثلاثة نماذج:
1. نموذج القيادة الجماعية، و يظهر هذا الأسلوب في شكل مجلس الخدمة المدنية ملحق برئاسة مجلس الوزراء و يتكون من إدارة الموظفين و من إدارة الإعداد و التدريب.
2. نموذج القيادة الفردية، و يظهر هذا الأسلوب من القيادة في شكل ديوان، أو إدارة أو مديرية، أو وزارة.
3. الأسلوب المزيج في القيادة، قيادة فردية في ظل القيادة الجماعية، مثال نظام التأليف بين المجلس أو الديوان أو الوزارة.
ب- أفضلية نظام الإلحاق بمجلس الوزراء مع إحداث مجلس أعلى للموارد البشرية:
للأهمية الإستراتيجية، و لوحدة الذات الاعتبارية للدولة و وحدة نظام الخدمة المدنية الذي ينسحب على كل الذوات العمومية الأخرى، و كذلك لضمان حسن التنسيق في استخدام الموارد البشرية...
الإلحاق المذكور يتوجب إرفاقه بمجلس استشاري للخدمة المدنية مفتوح لتمثيلية واسعة (النظام التونسي هو الأقرب من هذا النموذج: وزير الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري ملحق بالوزارة الأولى، و مجلس أعلى للوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري ذو دور استشاري يرأسه الوزير الأول)
ت- إدخال المرونة في النظام:
اللامركزية مع نظام إشراف صارم، و إفراد الجماعات المحلية بنظام خدمة مدنية خاص بأعوانها.
- إعادة فرز وتصنيف لكافة الموظفين السوريين وفقاً لمؤهلاتهم وكفاءتهم الفعلية –ليس إلا- عبر:
إجراء تقييم عام لهم متعدد الأشكال؛ وفقا لآليات متطورة ودقيقة وشفافة (يمكن الاستفادة في هذا من سياسة القبول المطبقة في المعهد الوطني للإدارة العامة)؛ يطال خصوصاً الفئات الوظيفة الثلاثة الأولى لتلافي التقصير والخلل السابق في تحديد مستويات الأداء للموظفين السوريين الحاليين. و يمكن أن تكون هذه المهمة أولى اختصاصات المنظمة المقترح إحداثها في الفقرة المذكورة آنفاً، أو لزيادة الشفافية والوثوقية يمكن اختيار أعضاء محددين من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة و الخبرة المهنية العملية في أمور الوظيفة العامة و مواردها البشرية، مع تزويدها بما يلزم من صلاحيات و استقلالية لتنفيذ هذه المهمة الكبيرة.
اتخاذ الإدارة الإجراءات والتنقلات اللازمة في ضوء نتائج التقييم العام السابق، و ذلك عبر استبعاد من يثبت تدني مستوى كفاءته الوظيفة، و أعطاء فرصة أخرى بعد مدة زمنية معينة لذوي الحدود المقبولة لمستوى الأداء والكفاءة لإثبات جدارتهم، و فرز من تتضح مهاراته وخبرته ومؤهلاته ليكون نواة وقاعدة اختيار للإدارة السورية المقبلة؛ بمستوياته العليا والمتوسطة والدنيا.
العمل على تغيير مديرية (و دوائر) شؤون العاملين في الوظيفة العامة السورية إلى مديرية للموارد البشرية مفهوماً وتطبيقاً عملياً، وذلك عبر تغيير توصيفها الوظيفي الحالي واختيار القائمين عليها من ذوي المعرفة العلمية في الإدارة العامة- الموارد البشرية، أو تأهيل القائمين الحاليين على شؤون تلك المديريات -من ذوي التخصص الحقوقي أو غيره- عبر ربط بقائهم في مناصبهم الحالية باجتيازهم لدورات مكثفة في الإدارة العامة والموارد البشرية، يمكن أن تكون مثلاً على فترتين لمدة سنتين كل سنة لمدة ثلاث أشهر على الأقل.
تطبيق أشكال التقاعد المبكر المختلفة كوسيلة أخرى مساعدة في تخفيض العدد الكبير للعاملين في الدولة .... وخلال فترة زمنية محددة ومخطط بحيث يتم الوصول في نهايتها الى العدد المناسب من العمالة في القطاع العام ويراعى فيها بين بقاء الافضل واستبدال الذي ثبت بنتيجة التقييم المذكور سابقا انه لا يتلائم والغاية من تطوير الخدمة العامة
وتتراوح اشكال التقاعدبين :
ا- التقاعد العادي وبنسب احلال مختلفة :
للفئة الاولى كلما تقاعدموظف يحل محله بالتعيين موظف واحد
للفئة الثانيةكلماتقاعد موظفين يحل محلهما موظف واحد
للفئةالثالثةكلما تقاعد ثلاث موظفين يحل محلهم موظف واحد
للفئةالرابعة والخامسة كلما تقاعد ثلاثة موظفين يحل محلهم موظف واحد
ومن ثم عند تخطيط القوى العاملةالمستقبلي تراعى مستويات الكفاءة بحدها الادنى العلمية والمهنية.
ب - التقاعدالمبكرالذي يراعى فيه مستوى محدد من السن على الشكل التالي :
اختياري للفئة الاولى للادارةوالموظف.
اجباري في الفئةالثانية للموظف , واختياري للادارة ( للحفاظ على بعض الخبرات )
اجباري للفئة الثالثة والرابعة والخامسة
ج - التقاعدبنسبة من الاجر:
تحدد حسب شرو ط معينة ولكن مع ملاحظة وتفعيل امكانية تأسيس مشروعات صغيرة وتمويلها وهذا يطبق على الذين لم تثبت كفاءتهم نتيجة التقييم المذكور سابقا.مع الملاحظة أنه (بين 50-60%من أعمال القطاع الخاص في العالم تتم عن طريق المشروعات الصغيرة وان 90%من عمال العالم يعملون في المشروعات الصغيرة.)
وبذلك يتم الوصول الى الشكل الأمثل للادارة العامة في سورية بالمقارنة مع الدول الأخرى من حيث عدد الموظفين ونسبتهم الى السكان وحجم الإنفاق على الوظيفة العامة ونبين فيما يلي دراسة مقارنة مع الدول التي تشابه الوضع السوري في مجال الوظيفة العامة