ليلة مثلجة في مناطق جبلية وعرة في محافظة السويداء ، ابتدأت بكذبة شخص على سائق
تكسي ليوصله لقريته الوعرة و البعيدة في هذا الطقس العاصف و كادت تنتهي بكارثة و هم محاصرين في سيارتهما بين الثلوج
الكثيفة و ثلاثة ضباع تتربص بهما لولا أحد الأبطال الذي كاد أن يضحي بحياته من أجل إنقاذهما في وقت
قام رجال الشرطة و الإنقاذ بمعاتبتهما على خروجهما بهذا الطقس العاصف و تباطؤوا في إرسال المساعدة لهما .
الحقيقة قصة فلم رعب حقيقية و ان تخيلت نفسي معهما في هذه المحنة الرهيبة ...
رعب عاش أحداثها شابّان من محافظة السويداء , صادفا الموت وجهاً لوجه حين حاصرتهما ضباع جائعة داخل سيارتهما المتوقفة وسط الثلوج بجبل العرب ! .
أحد الشباب " الناجين " يروي تجربتهما " المروعة "
" وائل فوزي الحجلي " (27) سنة ( سائق تكسي عمومي ) روى التجربة المروّعة التي عاشها تلك الليلة في ظهر الجبل مع "مهدي عبد الحي" (25 سنة) صاحب السيارة التي يعمل عليها، فيقول:
" يوم الاثنين الماضي وبينما كنت في سيارتي ( سابا 101 ) جاءني شاب يبكي بحرقة، وطلب مني إيصاله إلى قريته "الشبكي" وذلك في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً.
اقترحت عليه أن يبيت عندي حيث كانت الثلوج تتساقط بغزارة، فأخبرني أن أباه توفي في هذا اليوم، ويريد أن يراه قبل دفنه في اليوم التالي.
رأفنا لحاله أنا و"مهدي" وقررنا إيصاله إلى قريته مهما كلفنا الأمر.
وهناك رأيت أن نبيت ليلتنا فيها، لكن مهدي رفض وأصرّ على العودة خوفاً من أن يطرد من وظيفته لانقطاع الطريق.
في طريق العودة ولدى وصولنا إلى قرية "بوسان" انفجرت إحدى عجلات السيارة فقمنا باستبدالها وتابعنا المسير.
وعندما وصلنا إلى منطقة تسمى "سهلة أم حوران" في ظهر الجبل توقفت السيارة بسبب تشكل الجليد وكثافة الثلوج التي بلغت سماكتها حوالي 70 سم والتي ساهمت الرياح العاتية في سرعة تراكمها، فحاولنا الرجوع بها إلى قرية "سالة" لكن دون جدوى.
حين نزولنا من السيارة ومحاولة دفعها شممت رائحة كريهة اشتبهت أن تكون رائحة ضباع، واستبعد مهدي إمكانية وجودها في هذه الأجواء العاصفة، فطلبت منه دخول السيارة وإقفال أبوابها، ولم ندخلها إلا بعد إصراري عليه وبحدّة، وبالفعل خلال ثوان كان الضبع يضرب بيديه على بلور السيارة القريب من "مهدي"، فتملكنا الفزع، ولم نصدق أن هذا يحصل لنا.ويتابع وائل سرده متنهداً: وعلى الفور تناولت الموبايل واتصلت بشرطة النجدة لأكثر من 50 مرة فلم يجب أحد! ثم اتصلت بشرطة المرور فردّ علي مساعد أخذ يلومنا على ذهابنا في هذا الوقت، وقال لنا: " ما ترونه قد يكون كلباً لا ضبعاً!
اختفى الضبع حوالي ربع ساعة، ثم عاد وبرفقته ضبعين آخرين فصاروا ثلاثة! وفي تلك اللحظة والساعة تقارب الواحدة صباحاً اتصلت بالإسعاف فردّ علي شاب اسمه "هيثم أبو أحمد"، ورجوته: الضباع تتهجم على السيارة فأنقذنا بأي وسيلة!
في لحظة يأس وخوفاً من أن يُجهَل مصيرنا، تناولت ورقة وقلم وسجلت اسمي الثلاثي واسم مهدي ومواليدنا وأرقام هواتفنا، ونوهنا أن "الضباع ستأكلنا"! وأوصيت: "زوجتي وابني الذي لم يولد بعد أمانة في أعناقكم"، ووضعت الورقة وشهادة السوق على تابلو السيارة.
حاولنا إخافة الضباع وإبعادها بأي وسيلة، فرفعنا صوت المسجلة عالياً، وشغلنا الأضواء، وأطلقنا الزمور، وصفقنا بقوة، فلم تخف أو تبتعد، فأيقنا أن موتنا محتّم! قلت لمهدي: دعنا نغني كي نموت على الأقل ونحن فرحين! وعندما بدأت بالغناء غلب عليّ شعور الحزن واليأس فأخذ مهدي بالبكاء، وانهرت فلم أستطع تمالك نفسي، فاستسلمنا للبكاء معاً!
وكما يقولون: "الغريق يتعلق بقشة"، فأمسكت بيدي مفك براغي، وأمسك مهدي بعصا لا تتجاوز 20 سم ونحن نرتجف من الخوف والبرد والجوع، وأخذت الزرقة تتسلل إلى أطرافنا حتى تعسر علينا الكلام.
أشدّ اللحظات هولاً علينا كانت حين صعد أحد الضباع على غطاء المحرك المتجمّد فانزلق عليه ليرتطم رأسه بالبلور الأمامي فظننا أنه اخترقه، وفي الوقت ذاته كان الضبع الثاني يحفر الثلج بيديه محاولاً الوصول إلينا من أسفل السيارة، أما الثالث الأشد شراسة فوثب على البلور الجانبي ودفعه بقوّة!
ويتابع في أسى: كان السيد "هيثم" على تواصل دائم معنا، ووجّهنا لإحكام إغلاق الأبواب والاقتصاد في استخدام الموبايل، وحاول رفع معنوياتنا، وأخبرنا أنه تم إبلاغ مديرية الخدمات الفنية، وفي حال لم تستجب سيرسل لنا سيارة لاندروفر "شد رباعي" من المشفى الوطني في السويداء.
بعدها اتصلنا بسائق بولمان اسمه "جلال" وبدوره اتصل بالسيد " أركان نصر" مدير شركة الشهباء للنقل الذي انطلق على الفور بملابس نومه وبسيارته الخاصة "تويوتا برادو" بالسرعة القصوى مصطحباً شابين آخرين، وقبل 50 متراً من وصولهم إلينا توقفت سيارته، لكننا لم نتمكن من رؤيتهم بسبب الضباب الكثيف، فنزل السيد أركان من السيارة ليزيل الثلج بيديه من أمامها حتى تمكنت من متابعة سيرها.
حينها فقط هربت الضباع وتوارت عن الأنظار.
وصلوا إلينا قرابة الساعة الثانية والنصف , كنا في حالة يرثى لها حيث قاربنا على التجمد والازرقاق يملأ أجسامنا، حتى أن مهدي لم يستطع الكلام وسقط الجوال والعصا التي كان يحملها من يديه!
وللشهادة أقول إن السيد "أركان" إنسان متواضع ومتفان، فعندما توقفت سيارته رفض أن يعود، وقال لرفيقيه: "إما أن نعود جميعاً أو نموت جميعاً", فنحن مدينون للسيد أركان بحياتنا، وعمله الإنساني الشهم لن ننساه أبداً.
يتابع " وائل " :لم أخبر أهلي بالحادثة، لأن والدي مريض قلب، وأجريت له عملية قثطرة قلبية مؤخراً.
أما زوجتي (19 سنة) وهي حامل في الشهر السابع فاتصلت بي لتسأل عن سبب تأخري, فحاولت إخفاء الأمر عنها، ولما ألحت أخبرتها الحقيقة، فارتاعت وبكت، وعزّيتها عني بابننا القادم وأوصيتها أن تسمّيه "وائل"! هذا لم يمنعها من أن تتصل بشرطة النجدة التي لم تجب، ومن ثم بالإسعاف.
ويصف نهاية المحنة بقوله: وصلنا السويداء في الساعة الثالثة صباحاً ولم نلتقِ بأية آلية للخدمات الفنية أو غيرها! وقرابة الساعة الثالثة والنصف وصلت البيت فوجدت زوجتي تنتظرني خارج المنزل في البرد القارس!
في الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي توجهنا إلى مديرية الخدمات الفنية والتقينا المهندس أسعد الأشقر الذي قال لنا: "لقد أخطأنا في إرسال سيارات الخدمات، والمفروض عدم إرسال السيارات في هذه الأجواء العاصفة، لأنهم وصلوا إلى قرية " سالة " ولم يتمكنوا من العودة"! قلت له: "لكننا لم نرَ أية آلية تابعة لكم حتى الساعة الثالثة والنصف"، فأجابني: "لا بد أنكم نمتم على الطريق، لذا لم تروا سياراتنا"! فقلت له: "كنا خمسة فهل نمنا جميعاً بما فينا السائق"؟!
وفي الساعة التاسعة والنصف صباحاً انطلقنا إلى ظهر الجبل مع آليات الخدمات لتحرير السيارة لكننا لم نتمكن من المتابعة.
واستمرت محاولاتنا حتى الساعة الخامسة مساءً، ورجعنا دون أن نصل إلى مكان سيارتي التي كانت شبه مطمورة بالثلج" .
وختم قائلاً: الفضل لله وللسيد أركان في بقائنا على قيد الحياة , أشكر كل من ساعدنا واتصل بنا وخاصة مناوبي الإسعاف الذين كان لاتصالاتهم عميق الأثر في إحساسنا بالوجود الإنساني في قلب محنتنا القاسية.