ذات صباح مشحون بالعمل في غرفة الطوارئ بالمستشفى وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف، دخل عليَّ رجل
يناهز الخامسة والستين من العمر لإزالة بعض الغرز من يـده,,, وذكر أنه في عجلة من أمره لأن لديه موعدا
في التاسعة.
طلبت منه أن يجلس على الكرسي المخصص لإجراء الغيار على الجروح، وتحدثت قليلا وأنا أزيل الغرز وأهتم بجرحه.
سألته عن طبيعة موعده ولما هو في عجلة من أمره؟
أجاب: كل صباح أذهب لدار الرعاية لتناول الإفطار مع أمي.
فسألته هل أمه ماتزال حية وما هو سبب دخول والدته لدار الرعاية؟
فأجابني نعم، عمرها خمس وثمانون عاماً وبأنها هناك منذ فترة لأنها مصابة بمرض الزهايمر (ضعف الذاكرة).
وبينما كنا نتحدث.. انتهيت من التغيير على جرحه، وسألته: وهل ستقلق أمك لو تأخرت عن الميعاد قليلا؟!!
فأجاب: إنها لم تعد تعرف من أنا، إنها لا تستطيع التعرّف إليّ منذ خمس سنوات مضت.
قلت مندهشاً: ولا زلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت؟
ابتسم الرجل وهو يضغط على يدي وقال: يا بني.. هي لا تعرف من أنا، ولكني أنا أعرف من هي..
اضطررت لإخفاء دموعي حتى رحيله وقلت لنفسي: ‹هذا هو الحب الطاهر لوالدينا الذي نريده فى حياتنا».