تعليمنا العربي القائم على التلقين والحفظ والتكرار والاجترار بأساليبه وطرقه ومناهجه وأجواءه
غير التربوية يضّخ لنا أجيالاً من الخراف المدجنة التي لا تفكر
ولا تناقش
ولا تتأمّل
ولا تصنع
ولا تزرع
ولا تبني
ولاتخلق أفكاراً صائبة جديدة ...
لو قارننا تعليمنا باليابان لوجدنا عندهم البيئة المحفزة المشجعة على خلق أفكار جديدة ..
لاغرابة إذا وجدنا اليابان في طليعة البلدان الصناعية المبدعة والمنتجة للعلماء
والمتفوقين في كافة المجالات التقنية والفنية والعلمية ...
طلبت المعلمة هيرو يامادا من تلاميذها الصغار الذين لم يتجاوزوا الخامسة عشر عاماً
أن يبحثوا عن مقولات قديمة لعلماء وفلاسفة لتحليلها وشرحها وتفسيرها ونقدها بحرية تامة..
اختارت التلميذة تابايمو المقولة التالية :
(الضفدع الذي في البئر لايعرف شيئاً عن المحيط ...)..
هذه المقولة لفيلسوف صيني عاش في القرن الرابع قبل الميلاد..
ماذا فعلت التلميذة تابايمو..؟
رسمت أربع لوحات ..
اللوحة الأولى : الضفدع في البئر يحدّق في السماء..
اللوحة الثانية : السّماء تحولت إلى مرآة ..
اللوحة الثالثة : المرآة تعكس مايجري في المحيط ..
اللوحة الرابعة : الضفدع مستلق على ظهره يراقب المرآة ويتابع مايجري في المحيط
بدقة ووضوح ومتعة كأنّه يشاهد فيلماً سينمائياً ...
لقد كان التشجيع والتحفيز والمهارة في الرسم والخيال الواسع كلّها عوامل ساهمت في ذلك..
صفق جميع زملائها التلاميذ...
ونالت تقدير معلمتها ومدرستها وأصبحت مضرب المثل في الفكر الحر وسعة الخيال والمهارة
في الرسم المعبر عن الفكر الحر..
أجريت الحوارات مع تابايمو ومعلمتها وأصبح مبدأ تشجيع التلاميذ على النقد الهادف والتفكير
السليم الحر مساراً اتخذته وزارة التعليم اليابانية ...
تلك التلميـــــذة :
تخصصت في الفن والتصميم في جامعة كيوتو.
وركزت على الرسوم المتحركة.
قدمت أعمالاً مميزة جعلتها لا تستقر في اليابان أكثر من أسبوع واحد متواصل.
فمن الصين إلى الفلبين، ومن هنغاريا إلى بلغاريا.
شاركت في سبعة معارض في أمريكا، وخمسة في المملكة المتحدة، وأربعة في إسبانيا.
وكرمها وطنها مؤخراً بتمثيله رسمياً في بينالي البندقية 54 في إيطاليا الذي انطلق في
الرابع من يونيو 2011.
قبل أيام أصبحت تابايمو شابة في السادسة والثلاثين من عمرها ..
شاركت في بينالي وكانت ترتدي فستاناً بسيطاً.........
عليه صورة معلمتها هيرو يامادا التي أطلقت العنان لموهبتها واحتضنتها
وكانت وراء نجاحها الباهر وشهرتها التي ملأت الدنيا وشغلت الناس ....
ولم تجد تابايمو عملاً أكثر قرباً إليها من "ضفدع جوانغ زي" لتقديمه من خلال
البينالي، الذي يقصده ملايين المتذوقين للفنون المعاصرة.