العقلُ و الأخلاق
إن اللذة هي انتقال الانسان من حالة كمال أقل إلى حالة أعظمُ كمالاً .
و الألمُ هو انتقال الإنسان من حالة كمال أعظم إلى أخرى أقلّ كمالاً .
و أنا أقولُ انتقال لأنّ اللذة ليست كمالاً في حد ذاته.
فلو ولد إنسان كاملاً لما شعرَ بعاطفة اللذة ، و نقيضُ هذا يزيدُ الأمرَ وضوحاً .
أنا أفهمُ من العاطفة أوضاع الجسد التي تزيدُ فيه أو تنقصُ قوة العمل والتي تساعدُ
أو تقيّد هذه القوة ، وأفهمُ منها في الوقت ذاته الأفكار التي ترافقُ هذه الأوضاع .
و أنا أقصد بالفضيلة و القوة نفس الشيء .
و كلما زادت مقدرة الانسان في الاحتفاظ ببقائه و البحث عمّا ينفعه كلّما زادت فضيلته .
لا يهملُ إنسانٌ شيئاً نافعاً له الا إذا كان يرجو خيراً أعظم منه .
فإذا كان العقلُ لا يطلبُ شيئاً يتعارض مع الطبيعة ؛ لذلك يجبُ على كل انسان أن يحبَّ نفسه ،
و يبحثُ عمّا يفيده ، و يسعى إلى كلّ شيء يؤدّي به في الحقيقة الى حالةٍ أعظمُ من الكمال .
و أن كلّ انسان يجبُ أن يحاول المحافظة على بقائه كلّما استطاع الى ذلك سبيلاً .
إن محاولةَ الفهم هي الأساس الأوّل و الأوحدُ للفضيلة .
و إنّ العاطفة فكرةٌ ناقصة ,بحيثُ أنّ الفكرة يجبُ الاّ تنقصها حرارةُ الرغبة ،
كما أنّ الرغبة يجبُ أن لا ينقصها ضوء الفكرة .
لأنّ العاطفة لا تظلّ عاطفة إذا ما تكوّنت في الذهن عنها فكرةٌ و اضحةٌ جليّة .
من الأخلاق _ باروخ سبينوزا