العنوان: الشباب العربي مشاكل وحلول
إعداد: عبد الرحمن تيشوري – سوريا – طرطوس– هاتف 353870 – 352298
البريد الالكتروني:aataych@scs-net.org
مخطط الحلقة:
1. مقدمة
2. أزمة الطفولة
3. أزمة التعليم
4. أزمة فرص العمل – أو أزمة التنمية
5. أزمة الشباب الاجتماعية
6. أزمة الشباب الثقافية
7. أزمة الكفاءة العلمية
8. أزمة التأهيل المستمر
9. أهم عوامل القوة في الوطن العربي
10. المقترحات والتوصيات
مقدمة:
تقدر نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 40 سنة في الوطن العربي بحدود 20% من مجمل سكان الوطن العربي أي قرابة 60 مليون شابة وشابة، إن هذا العدد الكبير يستحق أن تتم دراسة أوضاعه والوقوف عند همومه وطموحاته، وضرورة وضع استراتيجية مستقبلية تتبنى جيل الشباب وتساعده على تجاوز الصعوبات والمعوقات التي تعترض سبيله. إذ على الشباب يتوقف مستقبل أي أمة فإن كان الشباب بخير يعني ذلك أن حاضر الأمة ومستقبلها بخير والعكس صحيح.
إن واقع الشباب العربي يعاني من جملة أزمات سوف أحاول أن أختصر أهمها:
1. أزمة الطفولة:
الطفولة تسبق دائماً مرحلة الشباب وهي الأساس التي يتحدد على ضوءها واقع ومستقبل جيل الشباب، والطفولة بواقعها الراهن تعيش أزمات متنوعة فالطفل بدءاً من تكوينه لا يلقى العناية الكافية من أسرته ولاسيما من حيث الغذاء والعناية الصحية والنفسية والاجتماعية وبخاصة في الأسر الفقيرة، حيث يقدر عدد السكان الفقراء في الوطن العربي حالياً ب90 مليون، وانصراف رب الأسرة لأكثر من عمل واحد بغية تأمين الحد الأدنى لمعيشة الأسرة يؤدي ذلك إلى عدم التعايش مع أطفاله وعدم مشاركته لمشاكلهم وتطلعاتهم، أضف لذلك جهل كثير من الأمهات بأصول تربية الأطفال وارتفاع عدد الأشخاص في الأسرة الواحدة وصعوبة الحصول على منزل مناسب زد على ذلك عدم توافر رياض الأطفال المناسبة كماً ونوعاً وحشر الطلاب في المرحلة الابتدائية في صفوف لا تصلح مطلقاً للعملية التعليمية وعدم إتاحة فرص لتنمية مواهب الأطفال، يجعل الأطفال لا ينالون حقهم من الرعاية المادية أو المعنوية، بل ينشأ معظمهم في أجواء متوترة قلقة غير متوازنة تؤثر جميعها على مستقبل مسيرة حياتهم برمتها إننا إذ أردنا حقاً العناية بالشباب فلا بد لنا من العناية أولاً بالأطفال. فأية تربية لا تبدأ في بداية هذه المرحلة بالذات تعتبر ناقصة ومبتورة وبالتالي لا يمكن تعويضها.
2. أزمة التعليم:
يقدر عدد طلاب الوطن العربي في كافة المراحل بأكثر من 75 مليوناً في عام 2000، إن هذا العدد الهائل سلاح ذو حدين، فإن استطعنا أن نحقق تعليماً فعالاً ينسجم مع حاجات المجتمع ويلبي طموحات خطط التنمية ويواكب التغيرات والتطورات العالمية فإن كل ذلك سيحدث ثورة اجتماعية واقتصادية في غضون سنوات محدودة.
أما إذا بقي التعليم في الوطن العربي على وضعه الراهن رغم كل الجهود التي بذلت للرفع من مستواه وبرغم الطفرة المالية التي أصابت أكثر أرجاء الوطن العربي في السبعينات نتيجة ارتفاع أسعار البترول وبالتالي عائدات الوطن العربي والآن قد زالت هذه الطفرة والوطن العربي يعيش تراجعاً مستمراً في دخله القومي ويتوقع له مزيداً من التراجع في السنوات القادمة بسبب عوامل عديدة داخلية وخارجية فإن مخارج التعليم على مختلف مستوياتها ستشكل مزيداً من العبء على المجتمع بكامله وبدلاً من أن تقوده للأمام, فإنها ستكون قوة كابحة لتقدمه وتطوره, وبخاصة أنه أصبح عدد خريجي الجامعات في عام 2000 قريباً من 12مليون إنسان. فأين تلك المشاريع العربية القادرة على استيعاب هؤلاء وغيرهم من خريجي الثانويات والمدارس المهنية والمعاهد المتوسطة؟
إن من أهم الصعوبات التي تواجه عملية التعليم في الوطن العربي هو ضعف الإنفاق على التعليم في الوقت الراهن. حيث لا يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً, والمطلوب كحد أدنى لكي يكون هذا التعليم فعالاً و نافعاً ما لا يقل عن 60 مليار دولار سنوياً ومع الزمن سترتفع الحاجة إلى 100 مليار دولار يعادل مجمل عائدات النفط العربي الحالي.
إن مدارسنا وجامعاتنا ما زالت تعاني من عدم فعالية الخطط الدراسية والمناهج وسوء النظام التعليمي وضعف وسائل التعليم ونقص الكوادر التعليمية والإدارية وعدم تطويرها ويغلب على هذا التعليم الأسلوب النظري والتعليب, كما أنها لا تخضع للمراقبة والتقييم والمتابعة بل تسير على هواها, وينأى عن التعليم التطبيقي العملي كما يعجز هذا التعليم على خلق عقول مبدعة وأيد ماهرة, وما زال التعليم بكافة مراحله بعيداً عن إمكانية ربطه بحاجات المجتمع وسوق العمل ومطالب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهذا ما يجعلها عاجزة عن مواكبة روح العصر علمياً وتكنولوجياً.
تشير كثير من الإحصائيات العربية إلى أن 95%من العاملين في مجال الزراعة هم بمستوى من التعليم دون الابتدائي.
لقد أثبتت الكثير من الدراسات في الولايات المتحدة أن الفوائد الاقتصادية التي تجنى من التعليم تعادل 43 مرة ما أنفق عليه كما تشير دراسات عالمية إلى أن الأمي الذي يدرس سنة واحدة تزداد انتاجيته30%وأن الطالب الذي يدرس 10سنوات تزداد إنتاجيته من 30-80مرة عن الطالب الذي يدرس 4سنوات في الابتدائية فقط.
وعلينا أن ندرك الحقيقة التالية أن كل ما ننفقه على التعليم يتحول إلى قوة كامنة سرعان ما تنطلق هذه القوة من عقالها وتحقق ريعية متصاعدة ودوماً التعليم الفعال من ذوي المردودية العالية في الربح والتطور الاقتصادي والاجتماعي.
3-أزمة فرص العمل – أو أزمة التنمية:
تكاد تكون جميع الأنشطة الاقتصادية في الوطن العربي ضعيفة النتائج لعوامل كثيرة منها:
-عدم إمكانية القضاء على الأمية وكما هو معروف فإن المردود الإنتاجي للأمي ضعيف ومعيق للآخرين وكما يقول المثل "الأمي أعمى ولو كان بصيراً" وما زالت الأمية مرتفعة في الوطن العربي وتتراوح حول 40% و تقدر كثير من الإحصائيات العربية أن عدد الأميات 44مليوناً من الإناث و25%مليون من الذكور أي ما مجموعه 69مليون شخص من الذين تجاوزت أعمارهم 15سنة من الشريحة النشيطة اقتصادياً ومن القوى العاملة, ولا يمكن لأمة من الأمم أن تنهض اقتصادياً واجتماعياً بشكل جذري وحقيقي ولديها مثل هذه النسبة والحل يكمن في القضاء على الأمية كما فعلت كثير من الدول بشكل نهائي أو تخفيض النسبة إلى ما دون 10%من مجموع السكان.
-إن نسبة القوى العاملة في الوطن العربي هي من النسب المتواضعة مقارنة مع الدول المتقدمة التي تتراوح فيها نسبة القوى العاملة بين44-54%من مجمل السكان بينما هي في الوطن العربي لا تتجاوز26,5%ونظراً لأن الشعب العربي يتميز بالفتوة فنسبة القوى العاملة يجب أن لا تقل عن40%من مجمل السكان حتى تحقق الأهداف المنشودة ونصل للمستويات العالمية.
إن من أهم العقبات التي تواجه إحداث فرص عمل للشباب في الوطن العربي هي ضعف الدخل القومي حيث تتراوح حول 400مليار دولار, بينما المطلوب حسب المتوسط العالمي أن يكون1000مليار دولار سنوياً وكان يظن أن التعليم هو العامل المكلف في إعداد الشباب, بينما الحقيقة أن كلفة فرص العمل في العالم هي الأكثر تكلفة.
الدولة عدد السكان (مليون) معدل النمو السكاني الزيادة السكانية السنوية (مليون) فرص العمل المحققة 1970-1990 معدل فرص العمل السنوية نسبة فرص العمل السنوية لعدد السكان% نسبة فرص العمل السنوية للتزايد السكاني%
أوروبا 326 0.4% 3.1 8.8 مليون 440ألف 0.13 33.8
أمريكا 250 0.7% 1.75 28.8 مليون 1.44 مليون 0.57 82.28
اليابان 123 0.5% 600 ألف 11.7 مليون 585ألف 0.47 97.5
الوطن العربي 224 2 % 6.72 11.7 مليون 2مليون 1.33 44.6
المصدر: أزمة فرص العمل في الوطن العربي: المعرفة عدد 382 / 1996
لقد جاء في تقرير عن البنك الدولي لعام1982, حول تكلفة أحداث فرصة عمل للشخص الواحد لدول مختارة فكانت النتائج وفق الجدول التالي:
تكلفة فرصة العمل للشخص الواحد
اسم الدولة متوسط تكلفة إحداث فرصة عمل للشخص الواحد (بالدولار)
بنغلاديش 1000
نيبال 1036
اثيوبيا 1530
رواندا 1660
كينيا 4700
مصر 8960
كولومبيا 10100
تايلاند 10660
كوريا 29850
البرازيل 40036
أمريكا 188990
استراليا 219350
فرنسا 461340
ألمانيا 481330
اليابان 535040
المصدر: أزمة فرص العمل في الوطن العربي: المعرفة عدد382 / 1996
4.أزمة الشباب الاجتماعية:
بالإضافة لما يعاني الشباب من مشاكل التعليم الذي لا يلبي طموحاته وأزمة تأمين فرص العمل التي تتفاقم يوماً بعد يوم فإن الحياة الاجتماعية لهؤلاء الشباب هي بدورها تعاني من مشاكل جمة وتمتد في الجذور العميقة لحياة الشباب, فالشباب غير قادر على الزواج في ظل هذه الظروف المادية الصعبة وتعقيد مراحل الزواج والتكاليف الباهظة المطلوبة من الشباب, وإذا استطاع أي شاب تحقيق ذلك, فإنه يقف عاجزاً تماماً أمام استئجار منزل مناسب أو شراء منزل الذي أصبح ثمنه يفوق أي تصور أو خيال أو حلم بل إن ثمن منزل في الوطن العربي يتجاوز مثيله في الدول الصناعية المتقدمة وأن ثمن أي منزل متواضع يزيد عن الراتب السنوي لأي شاب بمئات المرات,كما أن تطور الحياة وكثرة الأفراد في الأسرة الواحدة وصعوبة الوفاق والتفاهم يجعل من الصعوبة بمكان أن يتزوج الشاب أو الفتاة في بيت الأهل, مما ينعكس جميعه على وضع الشباب الاجتماعي سلباً ويجعل الشباب محبط ممزق, ضائع, محطم لا يعرف ماذا يفعل ولا أي طريق يسلك ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن الوطن العربي يحتاج سنوياً على الأقل إلى بناء مليون منزل جديد, أي يتطلب ذلك رصد 20مليار دولار سنوياً على الأقل من أجل إقامة تلك المنازل .
إن الخوف كل الخوف حاضراً ومستقبلاً من أن يؤدي ذلك إلى انحراف الشباب عن الطريق السوي وبخاصة بعد تطور الاتصالات وظهور المحطات الفضائية المتنوعة وإمكانية مشاهدة أنواع مختلفة من البرامج التلفزيونية العالمية ورغبة الكثير من الجهات الخبيثة بتحطيم الإنسان العربي أن لا يعود بالامكان السيطرة واستيعاب الشباب وتوجيههم في الطريق الصحيح مما قد يؤدي إلى انفلات الشباب كلياً عندئذ ستكون النتائج فاجعة وبخاصة أن المجتمع العربي من المجتمعات المحافظة.