أنّ الظاهرة التي تلفت الإنتباه في مجتمعنا في تعامله مع كيان المرأة هي أنّ الجانب المتعلق بجسدها يلقى الإهتمام من
الرجل في حين أنّ الجانب المتعلق بعقلها ونفسها هو أمر ثانوي لديه. ويُعلّق البعض اللوم على الرجل في هذا السلوك
بإعتبار أنه قرر أن يختار جانباً حسيّاً قابلاً للتغيّر والزوال وأهمل الجانب العقلي الذي يُميز إمرأة عن أخرى. في حين
يربط البعض المشكلة بالمرأة نفسها بإعتبار أنها هي التي حوّلت نفسها إلى أشبه ما تكون بالسلعة التي تشترى من خلال
عرض جسدها في الإعلانات والصور، كما أنّ المرأة أعطت إيحاءً قويّا بأنّ جسدها هو المعبّر الأساسي عن شخصيتها من خلال
أهتمامها بأدوات التجميل والملابس بصورة مبالغ فيها في مقابل إهمالها لما سوى ذلك؛ وكأنها بالفعل لا ترى في نفسها
مزيّة سوى جسدها.
وحينما يحجّم الرجل/الزوج تعامله مع المرأة على أساس المتعة الجسدية فهو يحرم نفسه من معرفة زوجته والقرب النفسي
والعاطفي منها، وفي هذه الحالة ستصبح الزوجة حتى وهي تعيش مع زوجها في البيت ذاته غريبة عنه وستكون بعينه مثلها
مثل أي إمرأة أخرى لأنه في الحقيقة لا يعرف عنها شيئاً يجعلها تختلف عن غيرها. نتيجة لذلك فإنّ الصورة الذهنية للمرأة
جميلة الجسد لدى الرجل قد تكون وراء نشوء مشكلات عميقة من سوء التفاهم بين الزوجين تنتهي في الغالب إمّا إلى الفراق
أو الخصومة المستمرة.
وفي حالة البقاء فإنّ الحياة بينهما تكون ضعيفة للغاية، يظهر فيها الزوجان بعيدين عن بعضهما نفسيا؛ فيلجأ الزوج
إلى الهروب المستمر من بيته إلى الإستراحات وبيوت الأصدقاء والمقاهي يمضي جلّ وقته ولا يأتي للبيت إلا في وقت متأخر
تكون فيه الزوجة قد نامت ويكون هو مكدوداً مجهداً من السهر. وتظل العلاقة بينهما قائمة على أمور يسيرة مثل تلبية
أحتياجات البيت أو إيصال الزوجة للسوق وإلى بيت أهلها. ويبقى الرجل مقتنعا أنّ هذه المشكلة لا تخص زوجته وحدها بل
هي مشكلة عامة في جنس النساء.