تصاعدت الدعاوى المطالبة باستقالة رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني بعد أن كشفت تحقيقات قضائية عن تفاصيل
جديدة بشأن ممارسته البغاء مع شابات قاصرات، في حين عقب الفاتيكان على هذه الفضيحة بمطالبته بأن يتحلى السياسيون
الإيطاليون “بأخلاق قويمة”.
وتركز التحقيقات على المغربية كريمة محمد المحروق التي حضرت حفلات برلسكوني عندما كان عمرها 17 عاماً، الذي يعتبر
في إيطاليا تحت السن القانوني، ودفع لها نقوداً للبقاء معه
كما يشكك القضاة بأن برلسكوني قد مارس ضغوطا على الشرطة لإطلاق سراح كريمة التي تنتحل لقب “روبي سالبة القلوب”
عندما احتجزت في مايو/أيار الماضي بتهمة السرقة، وتحجج بأنها قريبة الرئيس المصري حسني مبارك.
وسربت وسائل الإعلام الإيطالية نسخا عن تقارير بشأن محادثات هاتفية بين بعض النساء اللواتي شاركن في حفلات أقيمت في
منزل برلسكوني بالقرب من ميلانو، وصفت بأنها حفلات “بونغا بونغا” في إشارة إلى نشاطات فاسقة.
وتعتبر النصوص جزءا من ملف يتألف من 385 صفحة تتضمن تفاصيل التحقيق عن الملياردير البالغ 74 عاما للاشتباه في سوء
استخدام السلطة وممارسة الجنس مع عاهرة دون السن القانوني.
من جانبه، نشر برلسكوني شريطا مصورا على موقع “دعاة الحرية” هو الثاني خلال أسبوع ليبرر مواقفه بقضية الدعارة مع
روبي، حيث هاجم القضاة واتهمهم بأنهم “ينتهكون القانون بشكل غير معقول” مركزاً على ما وصفه “ملاحقة قضائية وتفاصيل
في قصص لا أساس لها” و”إدعاءات سخيفة تهدف إلى تدمير حياته”.
مشكلة أخلاقية
وتطالب أحزاب المعارضة في إيطاليا متحدة باستقالة برلسكوني، بعد أن أرسل القضاة تقرير التحقيق إلى مجلس الشيوخ.
وتعتبر المعارضة ما يحصل “بمشكلة أخلاقية، لا يمكن التغطية عليها” وأن “برلسكوني لم يعد في وضع يسمح له بممارسة
مهامه كرئيس للحكومة”.
كما تجمع أمس أمس عشرات المتظاهرين من مختلف الانتماءات أمام قصر الجمهورية أطلقوا على أنفسهم “الناقمون”، لمطالبة
رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو بالضغط على برلسكوني وإبعاده عن منصبه.
وكان نابوليتانو قد استقبل برلسكوني في قصر الجمهورية قبل يومين وأعرب له عن أن “القلق يسود البلاد” وطالبه بتوضيح
القضية والامتثال أمام القضاة للدفاع عن نفسه مثله مثل أي مواطن.
كما أعربت الصحف الفاتيكانية عن شكوكها إزاء برلسكوني وسلوكه الأخلاقي، مما قد يزعزع التحالف بين الحكومة
والفاتيكان، حسب الخبير في شؤون الفاتيكان، جانكارلو زيزولا.
وكان الفاتيكان أحجم عن التعليق على الأمر مما أثار انتقادات واسعة قبل أن يتحدث أخيرا على لسان الكردينال
تارسيسيو بيرتوني -الذي يعد الرجل الثاني بعد البابا بنديكت- حيث قال إنه يجب أن يتحلى السياسيون
الإيطاليون “بأخلاق قويمة”.
غياب البديل
في الوقت نفسه، يتساءل الكثيرون عن مصدر القوة الذي يبقي برلسكوني في السلطة رغم هذه الفضائح، وهو ما رد عليه
الناقد السياسي ماركو داميلانو في حديث لمراسلة الجزيرة نت، مؤكدا أن قوة برلسكوني حاليا تكمن أساسا في غياب
البديل حيث أن جبهة المعارضة في وضع أسوأ ولا تتمكن من ترتيب نفسها.
وأضاف داميلانو أن برلسكوني عمل في السنوات الماضية من خلال شبكات التلفزيون التي يملكها على زرع سيناريو مشابه في
البيوت الإيطالية يتمثل في بث حفلات وبرامج مع نساء تعرض نفسها لتكون وسيلة للمتعة.
لكن داميلانو يتوقع أن يكون الأسبوع المقبل حاسما، فعلى المستوى القضائي، سيتم البت بقضية برلسكوني في محكمة ميلانو،
وعلى المستوى السياسي سيصوت البرلمان على مرسوم الفدرالية الغالي على قلب رابطة الشمال، فإذا رفضه البرلمان سيتم
الاتجاه نحو الانتخابات، وهو ما يعني وفق داميلانو انفجارا قد يتولد من المزيج بين الانتخابات وفضيحة الدعارة.