منتدى قنوات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

للمغتربين من قنوات


+2
نـــ الهدى ـــور
نمر
6 مشترك

    أبو القاسم الشابي

    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأحد أغسطس 08, 2010 2:08 pm

    أبو القاسم الشابي :



    1

    عذبة أنت كالطفولة كالأحـ * لام كالحن كالصباح الجديد
    كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ * كالوردِ كابتسامِ الوليدِ
    يا لها مِنْ وَداعةٍ وجمالٍ * وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلُودِ
    يا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقديـ * سَ في مهجَةِ الشَّقيِّ العنيدِ
    يا لها رقَّةً تَكادُ يَرفُّ الوَرْ * دُ منها في الصَّخْرَةِ الجُلْمودِ
    أَيُّ شيءٍ تُراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ * تَهادتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جديدِ
    لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسـ * ولَ للعالمِ التَّعيسِ العميدِ
    أَم ملاكُ الفردوس جاءَ إلى الأَر * ضِ ليُحيي روحَ السَّلامِ العهيدِ
    أَنتِ مَا أَنتِ أَنْتِ رسمٌ جميلٌ * عبقريٌّ من فنِّ هذا الوُجُودِ
    فيكِ مَا فيهِ من غموضٍ وعُمْقٍ * وجَمَالٍ مقَدَّسٍ معبودِ
    أنتِ مَا أنتِ أَنتِ فجرٌ من السّحرِ * تجلَّى لقلبيَ المعمودِ
    فأراه الحَيَاةَ في مُونِقِ الحُسْنِ * وجلّى له خفايا الخلودِ
    أَنتِ روحُ الرَّبيعِ تختالُ فـ * ي الدُّنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
    وتهبُّ الحَيَاة سَكرى من العِط * رِ ويدْوي الوُجُودُ بالتَّغريدِ
    كلَّما أَبْصَرَتْكِ عينايَ تمشينَ * بخطوٍ موقَّعٍ كالنَّشيدِ
    خَفَقَ القلبَ للحياة ورفَّ الزَّهـ * رُ في حقلِ عمريَ المجرودِ
    وانتشتْ روحيَ الكئيبَةُ بالحبِّ * وغنَّتْ كالبلبلِ الغِرِّيدِ
    أَنتِ تُحيينَ في فؤاديَ مَا قدْ * ماتَ في أَمسيَ السَّعيدِ الفقيدِ
    وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي * مَا تلاشَى في عهديَ المجدودِ
    مِنْ طموحٍ إلى الجمالِ إلى الفنِّ * إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ
    وتَبُثِّينَ رقَّةَ الشوقِ والأَحلامِ * والشَّدوِ والهوى في نشيدي
    بعد أنْ عانقتْ كآبَةُ أَيَّامي * فؤادي وأَلجمتْ تغريدي
    أَنتِ أُنشودَةُ الأَناشيدِ غنَّاكِ * إِلهُ الغناءِ ربُّ القصيدِ
    فيكِ شبَّ الشَّبابُ وشَّحهُ السّحْرُ * وشدوُ الهَوَى وعِطْرُ الورودِ
    وتراءى الجمالُ يَرْقُصَ رقصاً * قُدُسيًّا على أَغاني الوُجُودِ
    وتهادتْ في أُفْق روحِكِ أَوْزانُ * الأَغاني ورِقَّةُ التَّغريدِ
    فتَمَايلتِ في الوُجُودِ كلحنٍ * عبقريِّ الخيالِ حلوِ النَّشيدِ
    خطواتٌ سكرانةٌ بالأَناشيد * وصوتٌ كَرَجْعِ نايٍ بعيدِ
    وقَوامٌ يَكادُ يَنْطُقُ بالأَلحانِ * في كلِّ وقفةٍ وقعودِ
    كلُّ شيءٍ موقَّعٌ فيكِ حتَّى * لَفْحَةُ الجيدِ واهتزازُ النّهودِ
    أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ في قدْسها السَّا * مي وفي سِحْرها الشَّجيِّ الفريدِ
    أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ في رِقَّةِ الـ * فجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ
    أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ كلَّ أَوانٍ * في رُواءٍ من الشَّبابِ جديدِ
    أَنتِ أَنتِ الحَيَاةُ فيكِ وفي * عَيْنَيْكِ آياتُ سحرها الممدودِ
    أَنتِ دنيا من الأَناشيدِ والأَحلامِ * والسِّحْرِ والخيال المديدِ
    أَنتِ فوقَ الخيالِ والشِّعرِ والفنِّ * وفوقَ النُّهى وفوقَ الحُدودِ
    أَنتِ قُدْسي ومعبدي وصباحي * وربيعي ونَشْوتي وخُلودي
    يا ابنةَ النُّورِ إنَّني أنا وحدي * من رأى فيكِ رَوْعَةَ المَعْبودِ
    فدعيني أَعيشُ في ظِلِّكِ العذْبِ * وفي قُرْبِ حُسنكِ المَشْهودِ
    عيشةً للجمالِ والفنِّ والإِلهامِ * والطُّهْرِ والسَّنى والسُّجودِ
    عيشَةَ النَّاسكِ البتُولِ يُناجي الرَّ * بَّ في نشوَةِ الذُّهول الشَّدِيدِ
    وامنحيني السَّلامَ والفرحَ الرُّو * حيَّ يا ضوءَ فجريَ المنشودِ
    وارحميني فقد تهدَّمتُ في كو * نٍ من اليأْسِ والظَّلامِ مَشيدِ
    أنقذيني من الأَسى فلقدْ أَمْسَـ * يْتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي
    في شِعَابِ الزَّمان والموت أَمشي * تحتَ عبءِ الحَيَاة جَمَّ القيودِ
    وأُماشي الوَرَى ونفسيَ كالقبـ * رِ وقلبي كالعالم المهدُودِ
    ظُلْمَةٌ مَا لها ختامٌ وهولٌ * شائعٌ في سكونها الممدودِ
    وإذا مَا استخفَّني عَبَثُ النَّاسِ * تبسَّمتُ في أَسًى وجُمُودِ
    بَسْمَةٌ مرَّةٌ كأنَّني أَستلُّ * من الشَّوكِ ذابلاتِ الورودِ
    وانْفخي في مَشاعِري مَرَحَ الدُّنيا * وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ
    وابعثي في دمي الحَرارَةَ عَلِّي * أَتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ
    وأَبثُّ الوُجُودَ أَنغامَ قلبٍ * بُلْبُليٍّ مُكَبَّلٍ بالحديدِ
    فالصَّباحُ الجميلُ يُنْعِشُ بالدِّفءِ * حياةَ المُحَطَّمِ المكدودِ
    أنْقذيني فقد سئمتُ ظلامي * أنقذيني فقدْ مَلِلْتُ ركودي
    آه يا زهرتي الجميلةَ لو تدرينَ * مَا جدَّ في فؤادي الوحيدِ
    في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أَكوانٌ * من السّحرِ ذاتُ حُسْنٍ فريدِ
    وشموسٌ وضَّاءةٌ ونُجومٌ * تَنْثُرُ النُّورَ في فَضاءٍ مديدِ
    وربيعٌ كأنَّهُ حُلُمُ الشَّاعرِ * في سَكرة الشَّباب السَّعيدِ
    ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي * ولا ثورَةَ الخريفِ العتيدِ
    وطيورٌ سِحْرِيَّةٌ تتناغَى * بأَناشيدَ حلوةِ التَّغريدِ
    وقصورٌ كأنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ * أَو طلعَةُ الصَّباحِ الوليدِ
    وغيومٌ رقيقةٌ تتهادَى * كأَباديدَ من نُثارِ الورودِ
    وحياةٌ شِعْرِيَّةٌ هي عندي * صُورةٌ من حَياةِ أَهْل الخلودِ
    كلُّ هذا يَشيدُهُ سِحْرُ عينيكِ * وإِلهامُ حُسْنِكِ المعبودِ
    وحرامٌ عليكِ أَنْ تهدمي مَا * شادهُ الحُسْنُ في الفؤادِ العميدِ
    وحرامٌ عليكِ أَنْ تسْحَقي آمـ * الَ نفسٍ تصبو لعيشٍ رغيدِ
    منكِ ترجو سَعادَةً لم تجدْهَا * في حياةِ الوَرَى وسِحْرِ الوُجُودِ
    فالإِلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ * إِذا كانَ في جَلالِ السُّجودِ


    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأحد أغسطس 08, 2010 2:11 pm




    2

    إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ * فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
    ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي * ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
    ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ * تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
    فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ * من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
    كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ * وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ
    ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ * وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ
    إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ * رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ
    ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ * ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ
    ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ * يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
    فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ * وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ
    وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ * وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ
    وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ * أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ
    أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ * ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ
    وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ * ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ
    هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ * ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ
    فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ * ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ
    ولولا أُمومَةُ قلبي الرَّؤومُ لمَا * ضمَّتِ الميْتَ تِلْكَ الحُفَرْ
    فويلٌ لمنْ لم تَشُقْهُ الحَيَاةُ * منْ لعنةِ العَدَمِ المنتصرْ
    وفي ليلةٍ مِنْ ليالي الخريفِ * متقَّلةٍ بالأَسى والضَّجَرْ
    سَكرتُ بها مِنْ ضياءِ النُّجومِ * وغنَّيْتُ للحُزْنِ حتَّى سَكِرْ
    سألتُ الدُّجى هل تُعيدُ الحَيَاةُ * لما أذبلته ربيعَ العُمُرْ
    فلم تَتَكَلَّمْ شِفاهُ الظَّلامِ ولمْ * تترنَّمْ عَذارَى السَّحَرْ
    وقال ليَ الغابُ في رقَّةٍ * محبَّبَةٍ مثلَ خفْقِ الوترْ
    يجيءُ الشِّتاءُ شتاءُ الضَّبابِ * شتاءُ الثّلوجِ شتاءُ المطرْ
    فينطفئُ السِّحْرُ سحرُ الغُصونِ * وسحرُ الزُّهورِ وسحرُ الثَّمَرْ
    وسحْرُ السَّماءِ الشَّجيّ الوديعُ * وسحْرُ المروجِ الشهيّ العَطِرْ
    وتهوي الغُصونُ وأوراقُها * وأَزهارُ عهدٍ حبيبٍ نَضِرْ
    وتلهو بها الرِّيحُ في كلِّ وادٍ * ويدفنها السَّيلُ أَنَّى عَبَرْ
    ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ * تأَلَّقَ في مهجةٍ واندَثَرْ
    وتبقَى البُذورُ التي حُمِّلَتْ * ذخيرَةَ عُمْرٍ جميلٍ غَبَرْ
    وذكرى فصولٍ ورؤيا حَياةٍ * وأَشباحَ دنيا تلاشتْ زُمَرْ
    معانِقَةً وهي تحتَ الضَّبابِ * وتحتَ الثُّلوجِ وتحتَ المَدَرْ
    لِطَيْفِ الحَيَاة الَّذي لا يُملُّ * وقلبُ الرَّبيعِ الشذيِّ الخضِرْ
    وحالِمةً بأغاني الطُّيورِ * وعِطْرِ الزُّهورِ وطَعْمِ الثَّمَرْ
    ويمشي الزَّمانُ فتنمو صروفٌ * وتذوي صروفٌ وتحيا أُخَرْ
    وتَصبِحُ أَحلامَها يقْظةً * موَشَّحةً بغموضِ السَّحَرْ
    تُسائِلُ أَيْنَ ضَبابُ الصَّباحِ * وسِحْرُ المساءِ وضوءُ القَمَرْ
    وأَسرابُ ذاكَ الفَراشِ الأَنيقِ * ونَحْلٌ يُغنِّي وغيمٌ يَمُرْ
    وأَينَ الأَشعَّةُ والكائناتُ * وأَينَ الحَيَاةُ التي أَنْتَظِرْ
    ظمِئْتُ إلى النُّورِ فوقَ الغصونِ * ظمِئْتُ إلى الظِّلِّ تحتَ الشَّجَرْ
    ظمِئْتُ إلى النَّبْعِ بَيْنَ المروج * يغنِّي ويرقصُ فوقَ الزَّهَرْ
    ظمِئْتُ إلى نَغَماتِ الطُّيورِ * وهَمْسِ النَّسيمِ ولحنِ المَطَرْ
    ظمِئْتُ إلى الكونِ أَيْنَ الوجودُ * وأَنَّى أَرى العالَمَ المنتظَرْ
    هُو الكونُ خلف سُبَاتِ الجُمودِ * وفي أُفقِ اليَقظاتِ الكُبَرْ
    وما هو إلاَّ كَخَفْقِ الجناحِ * حتَّى نما شوقُها وانتصَرْ
    فصدَّعَتِ الأَرضُ من فوقها * وأَبْصرتِ الكونَ عذبَ الصُّوَرْ
    وجاءَ الرَّبيعُ بأَنغامهِ * وأَحلامِهِ وصِباهُ العَطِرْ
    وقبَّلها قُبَلاً في الشِّفاهِ * تُعيدُ الشَّبابَ الَّذي قدْ غَبَرْ
    وقال لها قدْ مُنِحْتِ الحَيَاةَ * وخُلِّدْتِ في نَسْلِكِ المدَّخَرْ
    وباركَكِ النُّورُ فاستقبلي * شَبابَ الحَيَاةِ وخصْبَ العُمُرْ
    ومن تَعْبُدُ النُّورَ أَحلامهُ * يُبارِكُهُ النُّورُ أَنَّى ظَهَرْ
    إليكِ الفضاءَ إليكِ الضِّياءَ * إليكِ الثَّرى الحالمَ المزدهر
    إليكِ الجمالُ الَّذي لا يَبيدُ * إليكِ الوُجُودَ الرَّحيبَ النَّضِرْ
    فميدي كما شئتِ فوقَ الحقولِ * بحُلْوِ الثِّمارِ وغضِّ الزَّهَرْ
    وناجي النَّسيمَ وناجي الغيومَ * وناجي النُّجومَ وناجي القَمَرْ
    وناجي الحياة وأشواقها * وضنة هذا الوجود الأغر
    وشفَّ الدُّجى عن جمالٍ عميقٍ * يُشِبُّ الخيالَ ويُذكي الفِكَرْ
    ومُدَّ على الكونِ سحرٌ غريبٌ * يصرّفُهُ ساحرٌ مقتدِرْ
    وضاءَتْ شموعُ النُّجُومِ الوِضَاءِ * وضاعَ البَخُورُ بَخُورُ الزَّهَرْ
    ورَفْرَفَ روحٌ غريبُ الجمال * بأَجنحةٍ من ضياءِ القَمَرْ
    وَرَنَّ نشيدُ الحَيَاةِ المقدَّس * في هيكلٍ حالِمٍ قدْ سُحِرْ
    وأُعْلِنَ في الكونِ أنَّ الطّموحَ * لهيبُ الحَيَاةِ ورُوحُ الظَّفَرْ
    إِذا طَمَحَتْ للحَياةِ النُّفوسُ * فلا بُدَّ أنْ يستجيبَ القَدَرْ



    نـــ الهدى ـــور
    نـــ الهدى ـــور
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 11159
    نقاط : 145249
    تاريخ التسجيل : 27/07/2010
    الموقع : السويداء __قنوات

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نـــ الهدى ـــور الأحد أغسطس 08, 2010 4:28 pm

    ياسلام عليك يااخ نمر
    والله ابدعت
    بنقل هذه القصائد
    للشاعر التونسي الكبير
    تحياااااااااتي لك
    طارق
    طارق
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    عدد المساهمات : 346
    نقاط : 126366
    تاريخ التسجيل : 01/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف طارق الإثنين أغسطس 09, 2010 10:34 am

    شكرا أخ نمر
    أبيات جميلة
    فارس بلا جواد
    فارس بلا جواد
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 3288
    نقاط : 130896
    تاريخ التسجيل : 30/07/2010
    العمر : 55

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف فارس بلا جواد الإثنين أغسطس 09, 2010 3:25 pm

    روعة المنقول من تميز الناقل

    الف شكر لك
    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الإثنين أغسطس 09, 2010 3:26 pm

    أخوة
    نور الهدى & طارق
    الإبداع من جانبكم
    و ما علينا سوى المجاراة
    و الله الموفق
    مشكورين يا أخواني
    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الإثنين أغسطس 09, 2010 3:28 pm



    الأخ فارس بلا جواد
    أنت الأروع
    تحياتي لك
    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الإثنين أغسطس 09, 2010 3:28 pm



    3

    سَئِمْتُ اللَّيالي وأَوجَاعَها * وما شعْشَعَتْ من رحيقٍ بِصَابْ
    فَحَطَّمتُ كَأْسي وأَلقَيتُها * بوَادي الأَسَى وجَحيمِ العَذابْ
    فأَنَّتْ وقدْ غَمَرَتْها الدُّمُوعُ * وقَرَّتْ وقدْ فاضَ مِنْها الحَبَابْ
    وأَلقى عليها الأَسَى ثَوْبَهُ * وأَقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئابْ
    فأَيْنَ الأَماني وأَلْحانُها * وأَينَ الكؤوسُ وأَينَ الشَّرابْ
    لقدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلامِ * وقدْ رَشَفَتْها شِفاهُ السَّرابْ
    فمَا العَيْشُ في حَوْمَةٍ بَأْسُها * شَديدٌ وصَدَّاحُها لا يُجابْ
    كَئيبٌ وَحِيدٌ بآلامِهِ * وأَحْلامِهِ شَدْوُهُ الانْتِحابْ
    ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزاهِيرُهَا * فَنِمْنَ وقدْ مَصَّهُنَّ التُّرابْ
    لوَيِنَ النُّحورَ على ذِلَّةٍ * ومُتْنَ وأَحْلامَهُنَّ العِذابْ
    فَحَالَ الجَمَالُ وغَاضَ العبيرُ * وأَذْوى الرَّدَى سِحْرَهنَّ العُجَابْ



    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الإثنين أغسطس 09, 2010 3:29 pm



    4

    يا لَيْتَ شِعْري هلْ لِلَيْلِ النـ * نَفْسِ مِنْ صُبحٍ قَريبْ
    فَتَقُرَّ عاصِفَةُ الظَّلامِ * ويَهْجَعَ الرَّعْدُ الغَضُوبْ
    ويُرَتِّلَ الإنْسانُ أُغْنِيَةً * مع الدُّنيا طُرُوبْ
    ما للرِّياحِ تَهُبُّ في * الدُّنيا ويدرِكُها اللُّغوبْ
    إلاَّ رياحي فهيَ جامِحَةٌ * تَمَرُّدُهَا عَصيبْ
    ما لي تُعَذِّبني الحياةُ * كأنَّني خلْقٌ غَريبْ
    وتَهُدُّ من قلبي الجميلِ * فهلْ لقلبي مِنْ ذُنوبْ
    وإذا سَأَلْتُ لِمَ الوجودُ * وكُلُّهُ همٌّ مُذيبْ
    قالتْ نواميسُ السَّماءِ قَضَتْ * وما لكَ مِنْ هُرُوبْ
    آهٍ على قلبي وإنْ * شَقيتُ كَشَقْوَتِهِ قُلُوبْ
    أَنقى مِنَ الموج الوضيءِ * ومِنْ نَشيد العَندليبْ
    لم تَقْتَرفْ إِثمَ الحياةِ * وكان مأواها اللَّهيبْ
    يا مُهْجَةَ الغابِ الجميلِ * ألمْ يُصَدِّعْكِ النَّحيبْ
    يا وجْنَةَ الوردِ الأنيق * ألمْ تشوِّهْكِ النُّدوبْ
    يا جدوَلَ الوادي الطَّروبَ * أَلمْ يُرَنِّقْكَ القُطُوبْ
    يا غيمَةَ الأُفقِ الخضيبِ * أَلمْ تُمَزِّقْكِ الخُطوبْ
    يا كوكبَ الشَّفَقِ الضَّحوكَ * أَمَا ألمَّ بكَ الشُّحُوبْ
    ها أَنْتَ ذا في الأُفقِ * تَضْحَكُ لا تُهَمُّ ولا تَخِيبْ
    تُلقي على قُنَنِ الجبالِ * رِداءَ لأْلاءٍ قَشيبْ
    لِتَنامَ أورادُ الجبالِ الشُمِّ * في مهدٍ عَجيبْ
    ولكي تغنّيكَ الجَداولُ * لَحْنَها العَذْبَ الحَبيبْ
    وتَرَى جَمَالكَ مِنْ بناتِ * الغابِ مِعطارٌ لَعُوبْ
    معشوقةٌ في فَرْعِها * تاجٌ مِنَ الوَرْدِ الخَضيبْ
    تَتْلُو أناشيدَ الرَّبيعِ * كأنَّها نَجْوَى القُلُوبْ
    يا كوكبَ الشَّفَقِ الضَّحُوكِ * وأنتَ مبْتَهَلُ الكَئِيبْ
    لُحْ في السَّماءِ وغنِّ * أبناء الشَّقاوَةِ والخُطوب
    أنشودةً تَهَبُ العَزاءَ * لِكلِّ مُبتئسٍ غَريبْ
    فالطَّير قدْ أغفتْ وأَسْكَتَ * صوتَها اللَّيلُ الهَيُوبْ
    وابسطْ جَناحَكَ في الوُجودِ * فإنَّهُ عَذْبٌ خَلُوبْ
    مُتَأَلِّقٌ بَيْنَ النُّجومِ * كأنَّهُ حُلْمٌ طَرُوبْ
    وانْشُرْ ضِياءَكَ ساطعاً * ليُنِيرَ أعماقَ القُلُوبْ
    فعَلى جَوانِبِها من الأحزانِ * دَيْجُورٌ رَهِيبْ
    مَا للمِياهِ نقيَّةٌ حوْلي * ويُنْبُوعي مَشُوبْ
    مَا للصَّباحِ يَعودُ للدُّنيا * وصُبْحِي لا يَؤُوبْ
    مَا لي يَضِيقُ بي الوجودُ * وكلُّ مَا حَولي رَحيبْ
    مَا لي وَجَمْتُ وكلُّ مَا * في الغابِ مُغْتَرِدٌ طَروبْ
    مَا لي شَقِيتُ وكلُّ مَا * في الكونِ أَخَّاذٌ عَجيبْ
    في الأَرضِ أقدامُ الرَّبيع * تُلامِسُ السَّهْلَ الجَديبْ
    فإذا به يحيا ويُنْبِتُ * رائقَ الزَّهرِ الرَّطيبْ
    وهُناكَ أَنْوارُ النَّهارِ تُطِلُّ * مِنْ خَلْفِ الغُروب
    فَتُخَضِّبَ الأمواجَ والآفاقَ * والجَبَل الخَصيبْ
    إنَّ الوُجودَ الرَّحْبَ * والغَاباتِ والأُفقَ الخَضيبْ
    لمْ يَخْبو أشواقُ الحياةْ بها * فَغَادَرَها القُطُوبْ
    أمَّا أنا فَفَقَدْتُها * واللَّيلُ مُرْبَدٌّ رَهيبْ
    والرِّيحُ تَعْصِفُ بالورود * فعِشْتُ سُخْرِيَةَ الخُطوب
    مهما تَضَاحَكَتِ الحياةُ * فإنَّني أبداً كَئيبْ
    أُصْغي لأَوجاعِ الكآبَةِ * والكآبَةُ لا تُجيبْ
    في مهْجَتي تَتَأوَّهُ البَلْوى * ويَعْتَلِجُ النَّحيبْ
    ويَضُجُّ جبَّارُ الأسى * وتَجيشُ أمواجُ الكُرُوبْ
    إنِّي أنا الرُّوحُ الَّذي * سيظَلُّ في الدُّنيا غَريبْ
    ويَعيشُ مُضْطَلِعاً بأحزانِ * الشَّبيبَةِ والمَشِيبْ

    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الإثنين أغسطس 09, 2010 3:30 pm


    5

    أنتَ يا شِعْرُ فلذةٌ مِنْ فؤادي * تَتَغَنَّى وقِطْعةٌ مِنْ وُجُودي
    فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حنينٍ * أبديٍّ إلى صميمِ الوُجُودِ
    فيكَ مَا في خواطري مِنْ بكاءٍ * فيكَ مَا في عواطفي مِنْ نشيدِ
    فيكَ مَا في مَشَاعري مِنْ وُجُومٍ * لا يُغَنِّي ومِنْ سُرورٍ عَهيدِ
    فيكَ مَا في عَوَالمي مِنْ ظلامٍ * سَرْمديٍّ ومِنْ صباحٍ وَليدِ
    فيكَ مَا في عَوَالمي مِنْ ضبابٍ * وسرابٍ ويقظةٍ وهُجُودِ
    فيكَ مَا في طفولتي مِنْ سلامٍ * وابتسامٍ وغبطةٍ وسُعودِ
    فيكَ مَا في شبيبتي مِنْ حنينٍ * وشجونٍ وبَهْجةٍ وجُمودِ
    فيكَ إن عانقَ الرَّبيعُ فؤادي * تتثنَّى سَنَابِلي وَوُرُودي
    ويغنِّي الصَّباحُ أُنشودَةَ الحبِّ * على مَسْمَعِ الشَّبابِ السَّعيدِ
    ثُمَّ أَجْني في صيفِ أَحلاميَ * السَّاحِرِ مَا لَذَّ من ثمارِ الخُلودِ
    فيكَ يبدو خريفُ نَفْسي مَلُولاً * شاحِبَ اللَّوْنِ عاريَ الأُمْلودِ
    حَلَّلته الحَيَاةُ بالحَزَنِ الدَّا * مي وغَشَّتْهُ بالغيومِ السُّودِ
    فيكَ يمشي شتاءُ أَيَّاميَ البا * كي وتُرغي صَوَاعقي ورُعُودي
    وتَجِفُّ الزُّهورُ في قلبيَ الدَّا * جي وتهوي إلى قرارٍ بعيدِ
    أَنْتَ يا شِعْرُ قصَّةٌ عن حياتي * أَنْتَ يا شِعْرُ صورةٌ مِنْ وُجودي
    أَنْتَ يا شِعْرُ إنْ فَرِحْتُ أغاريدي * وإنْ غنَّتِ الكآبَةُ عُودي
    أَنْتَ يا شِعْرُ كأسُ خمرٍ عجيبٍ * أَتلهَّى به خلالَ اللُّحودِ
    أتحسَّاهُ في الصبَّاحِ لأنسى * مَا تقضَّى في أمسيَ المَفْقودِ
    وأُناجيه في المساءِ ليُلْهِيني * مَرْآهُ عن الصَّباحِ السَّعيدِ
    أَنْتَ مَا نلتُ من كهوفِ اللَّيالي * وتصفَّحتُ مِنْ كتابِ الخلودِ
    فيكَ مَا في الوُجُودِ مِنْ حَلَكٍ دا * جٍ وما فيه مِنْ ضياءٍ بعيدِ
    فيكَ مَا في الوُجُودِ مِنْ نَغَمٍ * حُلْوٍ وما فيه من ضجيجٍ شَديدِ
    فيكَ مَا في الوُجُودِ مِنْ جَبَلٍ وَعْـ * رٍ وما فيه مِنْ حَضيضٍ وهِيدِ
    فيكَ مَا في الوُجُودِ مِنْ حَسَكٍ يُدْ * مِي وما فيه مِنْ غَضيضِ الوُرودِ
    فيكَ مَا في الوُجُودِ حَبَّ بنو الأَر * ضِ قصيدي أَمْ لَمْ يُحبُّوا قَصيدي
    فسواءٌ على الطُّيورِ إِذا غنَّـ * تْ هُتافُ السَّؤُوم والمُسْتَعيدِ
    وسواءٌ على النُّجومِ إِذا لاحتْ * سكونُ الدُّجى وقَصْفُ الرُّعودِ
    وسواءٌ على النَّسيمِ أَفي القفـ * رِ تُغَنِّي أَمْ بَيْنَ غَضِّ الوُرودِ
    وسواءٌ على الوُرودِ أَفي الغيرانِ * فاحَتْ أَمْ بَيْنَ نَهْدٍ وَجِيدِ




    نـــ الهدى ـــور
    نـــ الهدى ـــور
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 11159
    نقاط : 145249
    تاريخ التسجيل : 27/07/2010
    الموقع : السويداء __قنوات

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نـــ الهدى ـــور الإثنين أغسطس 09, 2010 3:33 pm

    تستحق كل شكر وتقدير
    اخي نمر
    ابيات رائعة جداااااا
    اشكرك
    عماد القنطار
    عماد القنطار
    مراقب عام
    مراقب عام


    عدد المساهمات : 3096
    نقاط : 130431
    تاريخ التسجيل : 01/08/2010
    الموقع : المملكة العربية السعودية

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف عماد القنطار الثلاثاء أغسطس 10, 2010 2:21 am

    الاخ نمر
    تستحق كل التقدير على ما تقدمه
    سلمت يداك
    مشششششششششششششششششششششششششششششششششششششكورين
    طارق
    طارق
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    عدد المساهمات : 346
    نقاط : 126366
    تاريخ التسجيل : 01/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف طارق الثلاثاء أغسطس 10, 2010 6:27 am

    الأخ نمر من أبداع إلى أبدع
    سلمت يمينك و
    جزاك الله كل خيل
    تقبل مروري

    سهيل
    سهيل
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    عدد المساهمات : 68
    نقاط : 125925
    تاريخ التسجيل : 01/08/2010
    العمر : 54
    الموقع : قنوات

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف سهيل الثلاثاء أغسطس 10, 2010 7:48 am

    شكرا لك على هذا الانتقاء الرائع
    كل الاحترام لك و الى ابو القاسم الشابي
    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الثلاثاء أغسطس 10, 2010 1:56 pm


    الأخوة الأعزاء
    نور الهدى
    عماد القنطار
    طارق
    سهيل
    جزاكم الله كل خير
    على هذا الدفعة من المعنوية
    التي تحثني على الاستمرار و التقدم

    تحياتي لكم جميعا ً

    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الثلاثاء أغسطس 10, 2010 1:58 pm




    6

    اسْكُني يا جِراحْ * واسْكُتي يا شُجُونْ
    ماتَ عَهْدُ النُّواحْ * وزَمَانُ الجُنُونْ
    وأَطَلَّ الصَّبَاحْ * مِنْ وراءِ القُرُونْ
    في فِجاجِ الرَّدى * قَدْ دفنتُ الأَلمْ
    ونثرتُ الدُّموعْ * لرِيَاحِ العَدَمْ
    واتَّخذتُ الحَيَاةْ * معزفاً للنَّغَمْ
    أَتغنَّى عليهْ * في رِحابِ الزَّمانْ
    وأَذبتُ الأَسَى * في جمالِ الوُجُودْ
    ودَحَوْتُ الفؤادْ * واحةً للنَّشيدْ
    والضِّيا والظِّلالْ * والشَّذَى والورودْ
    والهوى والشَّبابْ * والمنى والحَنانْ
    اسكُني يا جراحْ * واسكُتي يا شُجونْ
    ماتَ عَهْدُ النُّواحْ * وزَمَانُ الجُنُونْ
    وأَطَلَّ الصَّبَاحْ * مِنْ وراءِ القُرُونْ
    في فؤادي الرَّحيبْ * مَعْبَدٌ للجَمَالْ
    شيَّدتْهُ الحَيَاةْ * بالرُّؤى والخَيالْ
    فَتَلَوْتُ الصَّلاةْ * في خشوعِ الظِّلالْ
    وحَرَقْتُ البُخُورْ * وأَضَأْتُ الشُّمُوعْ
    إنَّ سِحْرَ الحَيَاةْ * خَالدٌ لا يزولْ
    فَعَلامَ الشَّكَاةْ * مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
    ثمَّ يأتي الصَّباحْ * وتَمُرُّ الفُصُولْ
    سوف يأتي رَبيعْ * إن تقضَّى رَبيعْ
    اسكُني يا جراحْ * واسكُتي يا شُجونْ
    ماتَ عَهْدُ النُّواحْ * وزَمَانُ الجُنُونْ
    وأَطَلَّ الصَّبَاحْ * مِنْ وراءِ القُرُونْ
    مِنْ وراءِ الظَّلامْ * وهديرِ المياهْ
    قَدْ دعاني الصَّباحْ * ورَبيعُ الحَيَاهْ
    يا لهُ مِنْ دُعاءْ * هزَّ قلبي صَداهْ
    لمْ يَعُدْ لي بقاءْ * فَوْقَ هذي البقاعْ
    الْوَداعَ الوَداعْ * يا جِبَالَ الهُمومْ
    يا ضَبابَ الأَسى * يا فِجاجَ الجحيمْ
    قَدْ جرى زَوْرَقي * في الخِضَّمِ العَظيمْ
    ونشرتُ القلاعْ * فالوَداعْ الوداعْ



    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الثلاثاء أغسطس 10, 2010 2:00 pm





    7

    كمْ مِنْ عُهودٍ عذبةٍ * في عَدْوَةِ الوادي النَّضيرِ
    فِضِّيَّةِ الأَسْحارِ مُذْهبَةِ * الأَصائِلِ والبُكورْ
    كانتْ أرقُّ من الزُّهورِ * ومِنْ أَغاريدِ الطُّيورْ
    وأَلذَّ مِنْ سِحْرِ الصِّبا * في بَسْمَةِ الطِّفلِ الغَريرْ
    قضَّيتُها ومعي الحبيبَةُ * لا رَقيبَ ولا نَذيرْ
    إلاَّ الطُّفولَةَ حولنا تلهو * معَ الحُبِّ الصَّغيرْ
    أَيَّامَ كانتْ للحياةِ * حلاوَةُ الرَّوضِ المَطيرْ
    وطَهَارَةُ الموتِ الجميلِ * وسِحْرُ شَاطئهِ المُنيرْ
    وَوَداعَةُ العُصفورِ بَيْنَ * جداولِ الماءِ النَّميرْ
    أَيَّامَ لم نعْرِفْ منَ الدُّنيا * سوَى مَرَحِ السُّرورْ
    وتَتَبُّعِ النَّحْلِ الأَنيقِ * وقَطْفِ تِيجانِ الزُّهورْ
    وتَسَلُّقِ الجبلِ المُكَلَّلِ * بالصّنَوْبَرِ والصُّخورْ
    وبناءِ أَكواخِ الطُّفولَةِ * تحتَ أَعشاشِ الطُّيورْ
    مسقوفةً بالوَردِ والأَعْشابِ * والوَرَقِ النَّضيرْ
    نبني فتهدمُها الرِّياحُ * فلا نضجُّ ولا نَثُورْ
    ونعودُ نَضْحَكُ للمروجِ * وللزَّنابقِ والغَديرْ
    ونخَاطبُ الأَصداءَ وهي * ترِفُّ في الوادي المُنيرْ
    ونعيدُ أُغنيَةَ السَّواقي * وهي تَلْغو بالخَريرْ
    ونَظَلُّ نَرْكُضُ خلفَ * أَسرابِ الفَراشِ المُسْتَطيرْ
    ونمرُّ مَا بَيْنَ المُروجِ الخُضْرِ * في سكر الشُّعورْ
    نشدو ونرقصُ كالبلابلِ * للحياةِ وللحُبورْ
    ونَظَلُّ ننثُرُ للفضاءِ * الرَّحْبِ والنَّهرِ الكبيرْ
    مَا في فؤاديْنا من * الأَحْلامِ أَو حُلْوُ الغرورْ
    ونَشيدُ في الأُفُقِ المخَضَّبِ * مِنْ أَمانينا قُصورْ
    أَزهى من الشَّفَقِ الجميل * ورونقِ المرْجِ الخَضيرْ
    وأجلَّ من هذا الوُجُودِ * وكلِّ أَمجادِ الدُّهورْ
    أبداً تُذلِّلُها الحَيَاةُ * بكلِّ أَنواعِ السُّرورْ
    وتَبُثُّ فينا مِنْ مراحِ * الكونِ مَا يُغوي الوَقُورْ
    فنسيرُ نَنْشُدُ لهوَنا المعبودَ * في كلِّ الأُمورْ
    ونَظَلُّ نعبثُ بالجليلِ * منَ الوُجُودِ وبالحقيرْ
    بالسَّائلِ الأَعمى وبالمعتوهِ * والشَّيخِ الكَبيرْ
    بالقطَّةِ البيضاءِ * بالشَّاةِ الوديعَةِ بالحميرْ
    بالعُشبِ بالفَنَن المنوِّرِ * بالسَّنابلِ بالسَّفيرْ
    بالرَّمْلِ بالصَّخْرِ المحطَّمِ * بالجداول بالغديرْ
    واللهوُ والعَبَثُ البريءُ * الحلوُ مطمحُنا الأَخيرْ
    ونَظَلُّ نقفزُ أو نُثَرْثِرُ * أَو نغنِّي أَو نَدورْ
    لا نَسْأَمُ اللَّهْوَ الجميلَ * وليس يُدْرِكُنا الفُتُورْ
    فكأَنَّنا نحيا بأَعصابٍ * من المَرَحِ المُثيرْ
    وكأنَّنا نمشي بأَقدامٍ * مجنَّحةٍ تَطيرْ
    أَيَّامَ كنَّا لُبَّ هذا * الكونِ والباقي قُشُورْ
    أَيَّامَ تفرشُ سُبْلَنا * الدُّنيا بأَوراقِ الزُّهُورْ
    وتمرُّ أَيَّامَ الحَيَاةِ بنا * كأَسْرابِ الطُّيورْ
    بيضاءَ لاعبةً مُغرِّدةً * مجنَّحةً بِنُورْ
    وتُرفّرفُ الأَفراحُ فوقَ * رؤوسنا أَنَّى نَسيرْ
    آهٍ توارى فَجْرِيَ القُدسيُّ * في ليلِ الدُّهُورْ
    وفَنَى كما يَفنى النَّشيدُ * الحلوُ في صَمْتِ الأَثيرْ
    أَوَّاهُ قدْ ضاعتْ عليَّ * سَعَادَةُ القلبِ الغَريرْ
    وبقيتُ في وادي الزَّمانِ * الجهْمِ أَدأَبُ في المسيرْ
    وأَدوسُ أَشواكَ الحَيَاةِ * بقلبيَ الدامي الكَسيرْ
    وأَرى الأَباطيلَ الكثيرَةَ * والمآثمَ والشُّرورْ
    وتَصَادُمَ الأَهواءِ بالأَهواءِ * في كلِّ الأُمورْ
    ومذلّةَ الحقِّ الضَّعيفِ * وعِزَّةَ الظُّلْمِ القَديرْ
    وأَرى ابنَ آدَمَ سائراً * في رجلَةِ العُمُرِ القَصيرْ
    مَا بَيْنَ أَهوالِ الوُجُودِ * وتحتَ أَعباءِ الضَّميرْ
    مُتَسَلِّقاً جَبَلَ الحَيَاةِ الوعْرِ * كالشَّيْخِ الضَّريرْ
    دامي الأَكُفِّ مُمزَّقَ * الأَقدامِ مُغْبَرَّ الشُّعُورْ
    مترنِّحَ الخطواتِ مَا * بَيْنَ المَزالقِ والصُّخورْ
    هالتْهُ أَشْباحُ الظَّلامِ * وراعَهُ صوتُ القُبورْ
    ودويُّ إِعْصارِ الأَسَى * والموتُ في تِلْكَ الوُعورْ
    ماذا جنيتُ من الحَيَاةِ * ومن تجاريبِ الدُّهُورْ
    غيرَ النَّدامَةِ والأَسى * واليأسِ والدَّمعِ الغَزيرْ
    هذا حَصادي من حقولِ * العالَمِ الرَّحْبِ الخَطيرْ
    هذا حَصادي كُلُّهُ في * يقظةِ العَهْدِ الأَخيرْ
    قدْ كنتُ في زمنِ الطُّفولَةِ * والسَّذاجَةِ والطُّهورْ
    أَحْيا كما تحيا البلابلُ * والجداولُ والزُّهورْ
    لا نَحْفَلُ الدُّنيا تدور * بأَهلها أَو لا تَدورْ
    واليومَ أحيا مُرْهَقَ * الأَعصابِ مَشْبُوبَ الشُّعُورْ
    متأَجِّجَ الإِحْساسِ أحفلُ * بالعَظيمِ وبالحقيرْ
    تمشي على قلبي الحَيَاةُ * ويزحَفُ الكونُ الكبيرْ
    هذا مصيري يا بني * أُمِّي فما أَشقى المصيرْ




    نـــ الهدى ـــور
    نـــ الهدى ـــور
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 11159
    نقاط : 145249
    تاريخ التسجيل : 27/07/2010
    الموقع : السويداء __قنوات

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نـــ الهدى ـــور الثلاثاء أغسطس 10, 2010 5:02 pm

    والله جهودك تستحق الشكر عليهااااااااا
    الف شكر لك اخي نمر

    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:31 pm



    شكرا ً أخي نور الهدى

    هذا واجب

    تحياتي لاهتمامك
    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:32 pm


    9

    لَيْتَ شِعْرِي
    أَيُّ طَيْرْ
    يَسْمَعُ الأَحْزانَ تَبْكي * بَيْنَ أَعْماقِ القُلُوبْ
    ثمَّ لا يَهْتِفُ في الفَجْرِ * برَنَّاتِ النَّحِيبْ
    بخُشُوعٍ واكتِئَابْ
    لَسْتُ لأدري
    أَيُّ أَمْرْ
    أَخْرَسَ العُصْفورُ عنِّي * أَتُرى ماتَ الشُّعُورْ
    في جَميعِ الكَوْنِ حتَّى * في حُشَاشَاتِ الطُّيورْ
    أَمْ بَكَى خَلْفَ السَّحَابْ
    في الدَّيَاجِي
    كَمْ أُنَاجِي
    مَسْمَعَ القَبْرِ بغَصَّاتِ * نَحِيبي وشُجُوني
    ثُمَّ أُصْغِي عَلَّنِي * أُسمعُ ترديدَ أَنِيني
    فأَرَى صَوْتِي فَريدْ
    فأُنَادي
    يا فُؤَادي
    ماتَ مَنْ تَهْوَى وهذا * اللَّحْدُ قَدْ ضمَّ الحَبيبْ
    فَابْكِ يا قلبُ بما فيكَ * مِنَ الحُزْنِ المُذِيبْ
    إبكِ يا قَلْبُ وَحِيدْ
    ذُلَّ قَلْبي
    مَاتَ حُبِّي
    فَاذْرُفي يا مُقْلَةَ اللَّيلِ * الدَّراري عَبَرَاتْ
    حَوْلَ حِبِّي فهوَ قدْ * وَدَّعَ آفَاقَ الحَيَاة
    بَعْدَ أَنْ ذَاقَ اللَّهيبْ
    وَانْدُبيهْ
    وَاغْسِليهْ
    بِدُمُوعِ الفَجْرِ مِنْ * أَكوابِ زَهْرِ الزَّنْبَقِ
    وَادْفُنِيهِ بجَلالٍ في * ضِفَافِ الشَّفَقِ
    لِيَرى رُوحَ الحَبيبْ

    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:34 pm




    10

    أَنَا كَئِيبْ
    أَنَا غَريبْ
    كَآبتي خالَفَتْ نَظَائِرَهَا
    غَرِيبَةٌ في عَوَالِمِ الحَزَن
    كَآبتي فِكْرَةٌ مُغَرِّدَةٌ
    مَجْهُولةٌ مِنْ مَسَامِعِ الزَّمَنِ
    لكنَّني قَدْ سَمِعْتُ رَنَّتَها
    بمُهْجَتي في شَبابِيَ الثَّمِلِ
    سَمِعْتُها فانْصَرَفْتُ مُكْتَئِبَا
    أَشْدو بحُزْنِي كطائِرِ الجَبَلِ
    سَمِعْتُها أَنَّةً يرجِّعُها
    صَوْتُ اللَّيالي ومُهْجَةُ الأزل
    سَمِعْتُها صَرْخَةً مُضَعْضَعَةً
    كَجَدْوَلٍ في مَضايِقِ السُّبُلِ
    سَمِعْتُها رَنَّةً يعَانِقُها
    شوقٌ إلى عالمٍ يُضَعْضِعُها
    ضَعيفةً مثلَ أنَّةٍ صَعَدَتْ
    مِنْ مُهْجَةٍ هدَّها تَوَجُّعُها
    كآبَةُ النَّاسِ شُعلةٌ وَمَتى
    مرَّتْ ليالٍ خَبَتْ مع الأَمَدِ
    أَمَّا اكتِئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَتْ
    رُوحي وتَبْقَى بها إلى الأَبدِ
    أَنا كئيبٌ أَنا غَريبٌ
    وليسَ في عالمِ الكَآبَةِ مَنْ
    يحمِلُ مِعْشارَ بَعْضِ مَا أَجِدُ
    كآبتي مرَّةٌ وإنْ صَرَخَتْ
    روحي فلا يسمعنَّها الجَسَدُ
    كآبَتي ذاتُ قَسْوَةٍ صَهَرَتْ
    مَشَاعِري في جَهَنَّمَ الأَلَمِ
    لمْ يسمَعِ الدَّهْرُ مِثْلَ قَسْوَتِها
    في يَقْظَةٍ قطُّ لا ولا حُلُمِ
    كآبتي شُعْلةٌ مؤجَّجَةٌ
    تحتَ رَمَادِ الكَوْنِ تستعرُ
    سَيَعْلَمُ الكَوْنُ مَا حَقِيقَتُهَا
    ويَطْلَعُ الفَجْرُ يومَ تَنْفَجِرَ
    كآبةُ النَّاسِ شُعْلَةٌ ومتى
    مرَّت ليالٍ خَبَتْ مِنَ الأَمَدِ
    أَمَّا اكتئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَتْ
    رُوحي وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ


    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:36 pm





    11

    يا ربَّةَ الشِّعرِ والأَحلام غنِّيني * فقد سَئِمْتُ وُجومَ الكونِ مِنْ حينِ
    إنَّ اللَّيالي اللَّواتي ضمَّختْ كَبِدِي * بالسِّحْرِ أَضْحتْ مع الأَيَّامِ ترميني
    نَاختْ بنفسي مآسيها وما وَجَدَتْ * قلباً عطوفاً يُسَلِّيها فَعَزِّيني
    وهدَّ مِنْ خَلَدِي نَوْحٌ تُرَجِّعُهُ * بَلْوَى الحَيَاةِ وأَحزانُ المَسَاكينِ
    على الحَيَاةِ أَنا أَبكي لشَقْوَتِها * فمنْ إِذا مُتُّ يبكيها ويبكيني
    يا رَبَّةَ الشِّعْرِ غنِّيني فقد ضَجِرَتْ * نفسي منَ النَّاسِ أبناءِ الشَّياطينِ
    تَبَرَّمَتْ بينيَ الدُّنيا وأَعوَزَها * في مِعزفِ الدَّهرِ غرِّيدُ الأَرانينِ
    وراحَةُ اللَّيلِ ملأَى مِنْ مدامِعِهِ * وغادَةُ الحبِّ ثَكْلى لا تغنِّيني
    فهلْ إِذا لُذْتُ بالظَّلماءِ مُنْتَحِباً * أَسلو وما نَفْعُ محْزونٍ لمحزونِ
    يا ربَّةَ الشِّعرِ إنِّي بائسٌ تَعِسٌ * عَدِمْتُ مَا أَرتجي في العالمِ الدُّونِ
    وفي يديكِ مزاميرٌ يُخالِجُها * وَحْيُ السَّماءِ فهاتيها وغَنِّيني
    ورتِّلي حولَ بيتِ الحُزْنِ أُغنيةً * تجلُو عن النَّفسِ أَحوانَ الأَحايينِ
    فإنَّ قلبيَ قبرٌ مُظلمٌ قُبِرَتْ * فيهِ الأَماني فما عادتْ تناغيني
    لولاكِ في هذه الدُّنيا لمَا لَمَسَتْ * أَوتارُ روحِيَ أَصواتَ الأَفانينِ
    ولا تَغَنَّيْتُ مأخوذاً ولا عَذُبَتْ * ليَ الحَيَاةُ لدى غَضِّ الرَّياحينِ
    ولا ازدهى النَّفْسَ في أَشْجانها شَفَقٌ * يُلوِّنُ الغَيْمَ لهواً أَيَّ تلوينِ
    ولا استخفَّ حياتي وهيَ هائمةٌ * فجرُ الهَوَى في جفونِ الخُرَّدِ العِينِ


    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:38 pm



    12

    مَهْمَا تأمَّلْتُ الحياةَ * وَجُبْتُ مَجْهَلَها الرَّهِيبْ
    ونَظَرْتُ حولي لَمْ أَجِدْ * إلاَّ شُكُوكَ المُسْتَريبْ
    حتَّى دَهِشْتُ وما أُفِدْتُ * بدهشتي رأياً مُصيبْ
    لكنَّني أَجْهَدْتُ نَفْسي * وهيَ باديَةُ اللُّغوبْ
    وَدَفَعْتُها وهيَ الهزيلَةُ * في مُغالَبَةِ الكُروبْ
    في مَهْمَهٍ مَتَقَلِّبٍ * تُخْشَى غَوَائِلُهُ جَديبْ
    فإذا أصابَتْ من * مَنَاهِلِهِ شراباً تَسْتَطيبْ
    أَروتْ جوانِحَهَا وذلك * حَسْبُها كيما تَؤُوبْ
    ومَنِ ارتوى في هذه * الدُّنيا تَسَنَّمَهَا خَطِيبْ
    أَوْ لا فقد رَكِبَتْ من * الأَيَّامِ مَرْكَبَها العَصِيبْ
    وَقَضَتْ كما شاءَ الخُلودُ * وفي جوانِحِهَا اللَّهيبْ



    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:40 pm

    13

    قِفْ قليلاً أَيُّها السَّارِي القَمَرْ * واصْطَبرْ
    يَا سَمِيري في أُوَيْقاتِ الكَدَرْ * والضَّجَرْ
    واسقِني مِنْ جَدْوَلِ النُّورِ البَديعْ * قَدَحَا
    عَلَّني أَفْهَمَ هَيْنُومَ الرَّبيعْ * إِنْ صَحَا
    كَمْ فُؤادٍ إذْ تَوَلَّتْهُ الشُّجُونْ * والهمومْ
    بُثَّ أَسْلاكَكَ والدَّمْعُ هَتُونْ * مَا يرومْ
    إِنْ تَكُنْ تَضْحَكُ سُخْراً بالبَشَرْ * يَا قَمَرْ
    فَلَكَمْ أَحْزَنَكَ الدَّهْرُ الخَطِرْ * بالنُّكُرْ
    أَيُّها القامُوسُ يا صَوْتَ الحَيَاةْ * وصَدَاهَا
    وأَغانيها العِذابَ الشَّادِياتْ * وَنَدَاهَا
    مَا لأَمْواجِكَ يُطْغِيهَا الغُرورْ * فَتَثُور
    ثُمَّ تَأْوي نحوَ هاتيكَ الصُّخُورْ * كَالكَسيرْ
    أَتُراها تَذْكُرَ الأَمْسَ الجَمِيلْ * وَسَلامَهْ
    فَتُحَيِّي ذَلِكَ المَجْدَ النَّبِيلْ * بِابتِسَامَهْ
    وَتُغَنِّي ثمَّ لا تَلْبَثُ أَنْ * تَحْتَوِيها
    لَوْعَةُ اليَوْمِ فَتَبْكِي وَتَئِنُّ * لِشَقَاهَا


    نمر
    نمر
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 156
    نقاط : 125887
    تاريخ التسجيل : 06/08/2010

    أبو القاسم الشابي  Empty رد: أبو القاسم الشابي

    مُساهمة من طرف نمر الأربعاء أغسطس 11, 2010 1:42 pm


    14

    أتفنى ابتِساماتُ تِلْكََ الجفونِ * ويَخبو توهُّجُ تِلْكََ الخدودْ
    وتذوي وُرَيْداتُ تِلْكَ الشِّفاهِ * وتهوي إلى التُّرْبِ تِلْكَ النَّهودْ
    وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ * وينحلُّ صَدْرٌ بديعٌ وَجيدْ
    وتربَدُّ تِلْكََ الوُجوهُ الصِّباحُ * وفتنةُ ذاكَ الجمال الفَريدْ
    ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ * أنيقُ الغدائرِ جَعْدٌ مَديدْ
    ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ * هباءً حقيراً وتُرْباً زهيدْ
    وينجابُ سِحْرُ الغرامِ القويِّ * وسُكرُ الشَّبابِ الغريرِ السَّعيدْ
    أتُطوَى سَمواتُ هذا الوجود * ويذهبُ هذا الفضاءُ البعيدْ
    وتَهلِكُ تِلْكََ النُّجومُ القُدامى * ويهرمُ هذا الزَّمانُ العَهيدْ
    ويقضي صَباحُ الحياةِ البديعُ * وليلُ الوجودِ الرهيبُ العتيدْ
    وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ * وبدرٌ يضيءُ وغيمٌ يجودْ
    وضوءٌ يُرَصِّع موجَ الغديرِ * وسِحْرٌ يطرِّزُ تِلْكَ البُرودْ
    وبحرٌ فسيحٌ بعيدُ القرارِ * يَضُجُّ ويَدْوي دويَّ الوليدْ
    وريحٌ تمرُّ مُرورَ الملاكِ * وتخطو إلى الغابِ خَطْوَ الرُّعودْ
    وعاصفةٌ من نباتِ الجحيم * كأنَّ صَداها زَئيرُ الأسودْ
    تَعجُّ فَتَدْوي حنايا الجبال * وتمشي فتهوي صُخورُ النُّجودْ
    وطيرٌ تغنِّي خِلالَ الغُصونِ * وتَهْتِفُ للفجرِ بَيْنَ الورودْ
    وزهرٌ ينمِّقُ تِلْكََ التِّلالَ * ويَنْهَلُ من كلِّ ضَوءٍ جَديدْ
    ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ * ونَفْحُ الشَّبابِ الحَيِيِّ السَّعيدْ
    أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفناء * ليلهو بها الموتُ خَلْفَ الوجود
    ويَنْثُرَها في الفراغِ المُخيفِ * كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرودْ
    فينضُبُ يمُّ الحياةِ الخضمُّ * ويخمدُ روحُ الرَّبيعِ الوَلودْ
    فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ * ولا تُنْبِتُ الأرضُ غضَّ الورودْ
    كبيرٌ على النَّفسِ هذا العفاءُ * وصَعْبٌ على القلبِ هذا الهمودْ
    وماذا على القَدَر المستَمرِّ * لوِ اسْتمرَأ النَّاسُ طعمَ الخلودْ
    ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط * ولم يُفْجَعوا في الحبيب الودودْ
    ولم يسلكوا للخُلود المرجَّى * سبيلَ الرّدى وظَلامَ اللّحودْ
    فَدامَ الشَّبابُ وسِحْرُ الغرامِ * وفنُّ الرَّبيعِ ولُطفُ الورودْ
    وعاش الوَرَى في سلامٍ أمينٍ * وعيشٍ غضيرٍ رخيٍّ رغيدْ
    ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ * يَلذُّ له نوْحُنا كالنَّشيدْ
    تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ * ولو دُمْتُ حيًّا سَئمتَ الخلودْ
    وعِشْتَ على الأَرضِ مثل الجبال * جليلاً رهيباً غريباً وَحيدْ
    فَلَمْ تَرتشفْ من رُضابِ الحياة * ولم تصطَبحْ من رَحيق الوجودْ
    وما نشوةُ الحبِّ عندَ المحبِّ * وما سِحْرُ ذاك الرَّبيعِ الوليدْ
    ولم تدرِ مَا فتنةُ الكائناتِ * وما صرخَةُ القلبِ عندَ الصّدودْ
    ولم تفتكر بالغَدِ المسترابِ * ولم تحتفل بالمرامِ البعيدْ
    وماذا يُرجِّي ربيبُ الخلودِ * من الكونِ وهو المقيمُ العهيدْ
    وماذا يودُّ وماذا يخافُ * من الكونِ وهو المقيمُ الأَبيدْ
    تأمَّلْ فإنَّ نِظامَ الحياةِ * نِظامٌ دقيقٌ بديعٌ فريدْ
    فما حبَّبَ العيشَ إلاَّ الفناءُ * ولا زانَه غيرُ خوفِ اللُّحودْ
    ولولا شقاءُ الحياةِ الأليمِ * لما أَدركَ النَّاسُ معنى السُّعودْ
    ومن لم يرُعْهُ قطوبُ الدّياجيرِ * لَمْ يغتبط بالصَّباحِ الجديدْ
    إِذا لم يكن مِنْ لقاءِ المنايا * مَناصٌ لمَنْ حلَّ هذا الوجودْ
    فأيّ غِنَاءٍ لهذي الحياة * وهذا الصِّراعِ العنيفِ الشَّديدْ
    وذاك الجمالِ الَّذي لا يُملُّ * وتلكَ الأَغاني وذاك النَّشيدْ
    وهذا الظَّلامِ وذاك الضِّياءِ * وتلكَ النُّجومِ وهذا الصَّعيدْ
    لماذا نمرُّ بوادي الزَّمانِ * سِراعاً ولكنَّنا لا نَعودْ
    فَنَشْرَبَ مِنْ كلِّ نبعٍ شراباً * ومنهُ الرَّفيعُ ومنه الزَّهيدْ
    ومِنْهُ اللَّذيذُ ومِنْهُ الكَريهُ * ومِنْهُ المشِيدُ ومِنْهُ المبيدْ
    ونَحْمِلُ عبْئاً من الذّكرياتِ * وتلكَ العهودِ الَّتي لا تعودْ
    ونشهدُ أشكالَ هذي الوجوهِ * وفيها الشَّقيُّ وفيها السَّعيدْ
    وفيها البَديعُ وفيها الشَّنيعُ * وفيها الوديعُ وفيها العنيدْ
    فيُصبحُ منها الوليُّ الحميمُ * ويصبحُ منها العدوُّ الحقُودْ
    وكلٌّ إِذا مَا سألنا الحَيَاةَ * غريبٌ لعَمْري بهذا الوجودْ
    أتيناه من عالمٍ لا نراه * فُرادى فما شأْنُ هذي الحقُودْ
    وما شأْنُ هذا العَدَاءِ العنيفِ * وما شأْنُ هذا الإِخاءِ الوَدودْ
    خُلِقنا لنبلُغَ شأْوَ الكمالِ * وَنُصبح أهلاً لمجدِ الخُلُودْ
    ونَكْسَبَ مِنْ عَثَراتِ الطَّريقِ * قُوًى لا تُهدُّ بدأْبِ الصُّعودْ
    ومجداً يكون لنا في الخلود * أَكاليلَ من رائعاتِ الوُرودْ
    خُلِقنا لنبلُغَ شأْوَ الكمالِ * وَنُصبح أهلاً لمجدِ الخُلُودْ
    ولكنْ إِذا مَا لبسنا الخلودَ * ونِلنا كمالَ النُّفوسِ البعيدْ
    فهلْ لا نَمَلُّ دَوَامَ البقاءِ * وهلْ لا نَوَدُّ كمالاً جديدْ
    وكيف يكوننَّ هذا الكمالُ * وماذا تُراهُ وكيفَ الحُدودْ
    وإنَّ جمالَ الكمالِ الطُّموحُ * وما دامَ فكراً يُرَى من بعيدْ
    فما سِحْرُهُ إنْ غدا واقعاً * يُحَسُّ وأَصبحَ شيئاً شهيدْ
    وهلْ ينطفي في النُّفوسِ الحنينُ * وتُصبحُ أَشواقُنا في خُمودْ
    فلا تطمحُ النَّفْسُ فوقَ الكمالِ * وفوقَ الخلودِ لبعضِ المزيدْ
    إِذا لم يَزُل شوقُها في الخلودِ * فذلك لعَمْري شقاءُ الجُدودْ
    وحربٌ ضروسٌ كما قَدْ عهدنُ * ونَصْرٌ وكسرٌ وهمٌّ مديدْ
    وإنْ زالَ عنها فذاكَ الفناءُ * وإنْ كان في عَرَصَاتِ الخُلودْ


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 3:50 pm